تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١٣٨
«ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم» تصريح بالنهي عنه بعد التضمين تأكيدا ومبالغة في بيان قبح المنهي عنه وتمهيدا لقوله سبحانه «فتزل قدم» عن محجة الحق «بعد ثبوتها» عليها ورسوخها فهيا بالإيمان وإفراد القديم وتنكيرها للإيذان بأن زلل قدم واحدة أي قدم كانت عزت أو هانت محذور عظيم فكيف بأقدام كثيرة «وتذوقوا السوء» أي العذاب الدنيوي «بما صددتم» بصدودكم أو بصدكم غيركم «عن سبيل الله» الذين ينتظم الوفاء بالعهود والأيمان فإن من نقض البيعة وارتد جعل ذلك سنة لغيره «ولكم» في الآخرة «عذاب عظيم» «ولا تشتروا بعهد الله» أي لا تأخذوا بمقابلة عهده تعالى وبيعة رسوله صلى الله عليه وسلم أو آياته الناطقة بإيجاب المحافظة على العهود والأيمان «ثمنا قليلا» أي لا تستبدلوا بها عرضا يسيرا وهو ما كانت قريش يعدون ضعفة المسلمين ويشترطون لهم على الارتداد من حطام الدنيا «إنما عند الله» عز وجل من النصر والتغنيم والثواب الأخروي «هو خير لكم» مما يعدونكم «إن كنتم تعلمون» أي إن كنتم من أهل العلم والتمييز وهو تعليل للنهي على طريقة التحقيق كما أن قوله تعالى «ما عندكم» تعليل للخيرية بطريق الاستئناف أي ما تتمتعون به من نعيم الدنيا وإن جل بل الدنيا وما فيها جميعا «ينفد» وإن جم عدده وينقضى وإن طال أمده «وما عند الله» من خزائن رحمته الدنيوية والأخروية «باق» لا نفاذ له أما الأخروية فظاهرة وأما الدنيوية فحيث كانت موصولة بالأخروية ومستتبعة لها فقد انتظمت في سمط الباقيات الصالحات وفي إيثار الاسم على صيغة المضارع من الدلالة على الدوام ما لا يخفى وقوله تعالى «ولنجزين» بنون العظمة على طريقة الالتفات تكرير الموعد المستفاد من قوله تعالى إن ما عند الله هو خير لكم على نهج التوكيد القسمي مبالغة في الحمل على الثبات في الدين والالتفات عما يقتضيه ظاهر الحال من أن يقال ولنجزينكم أجركم بأحسن ما كنتم تعملون للتوسل إلى التعرض لأعمالهم والإشعار بعليتها للجزاء أي والله لنجزين «الذين صبروا» على أذية المشركين ومشاق الإسلام التي من جملتها الوفاء بالعهود والفقر وقرئ بالياء من غير التفات «أجرهم» مفعول ثان لنجزين أي لنعطينهم أجرهم الخاص بهم بمقابلة صبرهم على ما منوا به من الأمور المذكورة «بأحسن ما كانوا يعملون» أي لنجزينهم بما كانوا يعملونه من الصبر المذكور وإنما أضيف إليه الأحسن للإشعار بكمال حسنه كما في قوله سبحانه وحسن ثواب الآخرة لا لإفادة قصر الجزاء على الأحسن منه دون الحسن فإن ذلك مما لا يخطر ببال أحد لا سيما بعد قوله تعالى أجرهم أو لنجزينهم بحسب أحسن أفراد أعمالهم المذكور على معنى لنعطيهم بمقابلة الفرد الأدنى من أعمالهم المذكورة ما نعطيه بمقابلة الفرد الأعلى منها من الأجر الجزيل لا أنا نعطي الأجر بحسب
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272