السلام بل كانوا يعبدون الجن يعنون أن الجن هم الذين كانوا راضين بعبادتهم لا نحن أو كذبوهم في تسميتهم شركاء وآلهة تنزيها لله سبحانه عن الشريك والشياطين وإن كانوا راضين بعبادتهم لهم لكنهم لم يكونوا حاملين لهم على وجه القسر والإلجاء كما قال إبليس وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فكأنهم قالوا ما عبدتمونا حقيقة بل إنما عبدتم أهواءكم «وألقوا» أي الذين أشركوا «إلى الله يومئذ السلم» الاستسلام والانقياد لحكمه العزيز الغالب عبد الاستكبار عنه في الدنيا «وضل عنهم» أي ضاع وبطل «ما كانوا يفترون» من أن لله سبحانه شركاء وأنهم ينصرون ويشفعون لهم وذلك حين كذبوهم وتبرءوا منهم «الذين كفروا» في أنفسهم «وصدوا» غيرهم «عن سبيل الله» بالمنع عن الإسلام والحمل على الكفر «زدناهم عذابا فوق العذاب» الذي كانوا يستحقونه بكفرهم قيل في زيادة عذابهم حيات أمثال البخت وعقارب أمثال البغال تلسع إحداهن فيجد صاحبها حمتها أربعين خريفا وقيل يخرجون من النار إلى الزمهرير فيبادرون من شدة البرد إلى النار «بما كانوا يفسدون» متعلق بقوله زدناهم أي زدنا عذابهم بسب استمرارهم على الإفساد وهو الصد المذكور «ويوم نبعث» تكرير لما سبق تثنية للتهديد «في كل أمة شهيدا عليهم» أي نبيا «من أنفسهم» من جنسهم قطعا لمعذرتهم وفي قوله تعالى عليهم إشعار بأن شهادة أنبيائهم على الأمم تكون بمحضر منهم «وجئنا بك» إيثار لفظ المجيء على البعث لكمال العناية بشأنه عليه السلام وصيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع «شهيدا على هؤلاء» الأمم وشهدائهم كقوله تعالى فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا وقيل على أمتك والعامل في الظرف محذوف كما مر والمراد به يوم القيامة «ونزلنا عليك الكتاب» الكامل في الكتابية الحقيق بأن يخص باسم الجنس وهو إما استئناف أو حال بتقدير قد «تبيانا» بيانا بليغا «لكل شيء» يتعلق بأمور الدين ومن جملة ذلك أحوال الأمم مع أنبيائهم عليهم السلام فيكون كالدليل على كونه عليه السلام شهيدا عليهم وكذا من جملته ما أخبر به هذه الآية الكريمة من بعث الشهداء وبعثه عليه السلام شهيدا عليهم عليهم الصلاة والسلام والتبيان كالتلقاء في كسر أوله وكونه تبيانا لكل شيء من أمور الدين باعتبار أن فيه نصا على بعضها وإحالة لبعضها على السنة حيث أمر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته وقيل فيه وما ينطق عن الهوى وحثا على الإجماع وقد رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته باتباع أصحابه حيث قال أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وقد اجتهدوا وقاسوا ووطئوا طرق الاجتهاد فكانت السنة والإجماع والقياس مستندة إلى تبيان
(١٣٥)