المعلومات أو لكيلا يعلم شيئا بعد علم بذلك الشيء وقيل لئلا يعقل بعد عقله الأول شيئا «إن الله عليم» بمقادير أعماركم «قدير» على كل شيء يميت الشاب النشيط ويبقى الهرم الفاني وفيه تنبيه على أن تفاوت الآجال ليس إلا بتقدير قادر حكيم ركب أبنيتهم وعدل أمزجتهم على قدر معلوم ولو كان ذلك مقتضى الطبائع لما بلغ التفاوت هذا المبلغ «والله فضل بعضكم على بعض في الرزق» أي جعلكم متفاوتين فيه فأعطاكم منه أفضل مما أعطى مماليككم «فما الذين فضلوا» فيه على غيرهم «برادي رزقهم» الذي رزقهم إياه «على ما ملكت أيمانهم» على مماليكهم الذين هم شركاؤهم في المخلوقية والمرزوقية «فهم» أي الملاك والمماليك «فيه» أي في الرزق «سواء» أي لا يردونه عليهم بحيث يساوونهم في التصرف ويشاركونهم في التدبير والفاء للدلالة على ترتيب التساوي على الرد أي لا يردونه عليهم ردا مستتبعا للتساوي وإنما يردون عليهم منه شيئا يسيرا فحيث لا يرضون بمساواة مماليكهم لأنفسهم وهم أمثالهم في البشرية والمخلوقية لله عز سلطانه في شيء لا يختص بهم بل يعمهم وإياهم من الرزق الذي هم أسوة لهم في استحقاقه فما بالهم يشركون بالله سبحانه وتعالى فيما لا يليق إلا به من الألوهية والمعبودية الخاصة بذاته تعالى لذاته بعض مخلوقاته الذي هو بمعزل من درجة الاعتبار وهذا كما ترى مثل ضرب لكمال قباحة ما فعله المشركون تقريعا عليهم كقوله تعالى «هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء» الآية «أفبنعمة الله يجحدون» حيث يفعلون ما يفعلون من الإشراك فإن ذلك يقتضي أن يضيفوا نعم الله سبحانه الفائضة عليهم إلى شركائهم ويجحدوا كونها من عند الله تعالى أو يحث أنكروا أمثال هذه الحجج البالغة بعدما أنعم الله بها عليهم والباء لتضمين الجحود معنى الكفر نحو وجحدوا بها والفاء للعطف على مقدر وهي داخلة في المعنى على الفعل أي أيشركون به فيجحدون نعمته وقرئ تجحدون على الخطاب أو ليس الموالي برادي رزقهم على مماليكهم بل أنا الذي أرزقهم وإياهم فلا يحسبوا أنهم يعطونهم شيئا وإنما هو رزقي أجريه على أيدهم فهم جميعا في ذلك سواء لا مزية لهم على مماليكهم ألا يفهمون ذلك فيجحدون نعمة الله فهو رد على زعم المفضلين أو على فعلهم المؤذن بذلك أو ما المفضلون برادي بعض فضلهم على مماليكهم فيتساووا في ذلك جميعا مع أن التفضيل ليس إلا ليبلوهم أيشكرون أم يكفرون ألا يعرفون ذلك فيجحدون نعمة الله تعالى كأنه قيل فلم يردوه عليهم والجملة الاسمية للدلالة على استمرارهم على عدم الرد يحكى عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما هم إخوانكم فاكسوهم مما تلبسون وأطعموهم مما تطعمون فما رؤى عبده بعد ذلك إلا ورداؤه رداؤه وإزاره إزراره من غير تفاوت «والله جعل لكم من أنفسكم»
(١٢٧)