ما لا يدرى إلا بالتأويل، ولا بد من صرفه إليه، كقوله: (تجري بأعيننا) (1) و (على ما فرطت في جنب الله) (2). وقيل: الآيات التي يذكر فيها وقت الساعة، ومجئ الغيث، وانقطاع الآجال، كقوله: (إن الله عنده علم الساعة) (3). وقيل:
ما يحتمل وجوها، والمحكم ما يحتمل وجها واحدا. وقيل: مالا يستقل بنفسه، إلا برده إلى غيره. وقيل: غير ذلك. وكلها متقارب.
وفصل الخطاب في ذلك أن الله سبحانه قسم الحق بين عباده، فأولاهم بالصواب من عبر بخطابه عن حقيقة المراد، قال سبحانه: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) (4) ثم قال: (ثم إن علينا بيانه) (5) أي على لسانك وألسنة العلماء من أمتك، وكلام السلف راجع إلى المشتبه بوجه لا إلى المقصود المعبر عنه بالمتشابه في خطابه، لأن المعاني إذا دقت تداخلت وتشابهت على من لا علم له بها، كالأشجار إذا تقارب بعضها من بعض تداخلت أمثالها (6) واشتبهت، أي على من لم يمعن النظر في البحث عن منبعث كل فن منها، قال تعالى: (وهو الذي أنشأ جنات معروشات) (7) إلى قوله: (متشابها ")، وهو على اشتباكه غير متشابه. وكذلك سياق معاني القرآن العزيز قد تتقارب المعاني ويتقدم الخطاب بعضه على بعض، ويتأخر بعضه عن بعض، لحكمة الله في ترتيب الخطاب والوجود، فتشتبك المعاني وتشكل إلا على أولى الألباب، فيقال في هذا الفن متشابه بعضه ببعض. وأما المتشابه من القرآن العزيز فهو يشابه بعضه بعضا في الحق والصدق والإعجاز والبشارة والنذارة وكل ما جاء به وأنه من