أجاب ابن عساكر في " التكميل و الإفهام " بأن العشر إنما فصل من أولئك، ليتحدد قرب انقضاء المواعدة، ويكون فيه متأهبا مجتمع الرأي، حاضر الذهن، لأنه لو ذكر (الأربعين) أولا لكانت متساوية، فإذا جعل العشر فيها إتماما لها استشعرت النفس قرب التمام، وتجدد بذلك عزم لم يتقدم.
قال: وهذا شبيه بالتلوم الذي جعله الفقهاء في الآجال المضروبة في الأحكام، ويفصلونه من أيام الأجل، ولا يجعلونها شيئا " واحدا، ولعلهم استنبطوه من هذا.
فإن قلت: فلم ذكر في هذه السورة - أعني الأعراف - الثلاثين ثم العشر، وقال في البقرة: (وإذا واعدنا موسى أربعين ليلة ") ولم يفصل العشر منها؟
والجواب، والله أعلم: أنه قصد في الأعراف ذكر صفة المواعدة والإخبار عن كيفية وقوعها فذكر على صفتها، وفي البقرة: إنما ذكر الامتنان على بني إسرائيل بما أنعم به عليهم، فذكر نعمة عليهم مجملة، فقال: (وإذ فرقنا بكم البحر)، (وإذا أنجيناكم من آل فرعون).
واعلم أنه يخرج لنا مما سبق جوابان في ذكر العشرة بعد الثلاثة والسبعة، إما الاجمال بعد التفصيل، وإما رفع الالتباس، ويضاف إلى ذلك أجوبه: