هو الزبور، ونقله عن إجماع المفسرين لما تضمنه من النعت، كما تعطف النعوت بعضها على بعض، وهذا يرده تكرار الباء، فإنه يشعر بالفصل، لأن فائدة تكرار العامل بعد حرف العطف إشعار بقوة الفصل من الأول والثاني، وعدم التجوز في عطف الشئ على نفسه.
والذي يظهر أنه للتأسيس، وبيانه وجوه:
أحدها أن قوله تعالى: (جاءتهم) يعود الضمير فيه على المكذبين للنبي صلى الله عليه وسلم وعلى الذين من قبلهم، فيكون النبي صلى الله عليه وسلم داخلا في المرسلين المذكورين، والكتاب المنير هو القرآن، وقوله تعالى: (ثم أخذت الذين كفروا)، معطوف على قوله تعالى: (فقد كذب الذين من قبلهم)، أي كذبوا ثم اخذتهم بقيام الحجة عليهم (بالبينات وبالزبر والكتاب المنير). وجاء تقديم قيام الحجة عليهم قبل العطف اعتراضا " للاهتمام به، وهو من أدق وجوه البلاغة. ومثله في آية آل عمران قوله تعالى: (فقد كذب رسل من قبلك)، وقوله: (جاءوا) انصراف من الخطاب إلى الغيبة، كأنه قال: (جاء هؤلاء المذكورون)، فيكون النبي صلى الله عليه وسلم داخلا في الضمير، وهو في موضع (جئتم بالبينات) فأقام الإخبار عن الغائب مقام المخاطب، كقوله تعالى: (جرين بهم)، وفيه وجه من التعجب، كأن المخاطب إذا استعظم الامر رجع إلى الغيبة ليعم الإخبار به جميع الناس، وهذا موجود في الآيتين.
والثاني: أن يكون على حذف مضاف، كأنه قيل: (الكتاب المنير) يعني القرآن،