وزعم الزمخشري في قوله تعالى: (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم) أن (من وجدكم) عطف بيان.
وهو مردود، فإن العامل إنما يعاد في البدل لا في عطف البيان.
فإن قلت: ما الفرق بينه وبين البدل؟.
قلت: قال أبو جعفر النحاس: ما علمت أحدا فرق بينهما إلا ابن كيسان، فإن الفرق بينهما أن البدل يقرر الثاني في موضع الأول، وكأنك لم تذكر الأول، وعطف البيان أن تقدر أنك إن ذكرت الاسم الأول لم يعرف إلا بالثاني، وإن ذكرت الثاني لم يعرف إلا بالأول، فجئت بالثاني مبينا للأول، قائما له مقام النعت والتوكيد.
قال: وتظهر فائدة هذا في النداء، تقول: (يا أخانا زيد أقبل)، على البدل، كأنك رفعت الأول وقلت: (يا زيد أقبل)، فإن أردت عطف البيان قلت: (يا أخانا زيدا أقبل).
القسم الخامس ذكر الخاص بعدم العام فيؤتى به معطوفا عليه بالواو وللتنبيه على فضله، حتى كأنه ليس من جنس العام، تنزيلا للتغاير في الوصف منزلة التغاير في الذات، وعلى هذا بنى المتنبي قوله:
فإن تفق الأنام وأنت منهم * فإن المسك بعض دم الغزال