ومنها التغليب، كقوله تعالى: (إن كنتم في ريب من البعث) (1)، وقوله تعالى:
(وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا) (2)، فاستعمل (إن) مع تحقق الارتياب منهم، لأن الكل لم يكونوا مرتابين فغلب غير المرتابين منهم على المرتابين، لأن صدور الارتياب من غير الارتياب مشكوك في كونه، فلذلك استعمل (إن) على حد قوله: (إن عدنا في ملتكم) (3).
واعلم (أن) لأجل أنها لا تستعمل إلا في المعاني المحتملة كان جوابها معلقا على ما يحتمل أن يكون وألا يكون، فيختار فيه أن يكون بلفظ المضارع المحتمل للوقوع و عدمه، ليطابق اللفظ والمعنى، فإن عدل عن المضارع إلى الماضي لم يعدل الا لنكتة، كقوله تعالى:
(إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون) (4)، فاتى الجواب مضارعا، وهو (يكونوا) وما عطف عليه، وهو (يبسطوا) مضارعا أيضا "، وأنه قد عطف عليه (ودوا) بلفظ الماضي، وكان قياسه المضارع، لأن المعطوف على الجواب جواب، ولكنه لما لم يحتمل ودادتهم لكفرهم من الشك فيها ما يحتمله أنهم إذا ثقفوهم فقال صاروا لهم أعداء، وبسطوا أيديهم إليهم بالقتل، وألسنتهم بالشتم أتى فيه يلفظ الماضي، لأن ودادتهم في ذلك مقطوع بها، وكونهم أعداء وباسطي الأيدي والألسن بالسوء مشكوك، لاحتمال أن يعرض ما يصدهم عنه، فلم يتحقق وقوعه.
وأما (إذا) فلما كانت في المعاني المحققة غلب لفظ الماضي معها، لكونه أدل على الوقوع باعتبار لفظه في المضارع، قال تعالى: (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن