وقوله تعالى: (إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا " لن تقبل توبتهم) (1)، كنى بنفي قبول التوبة عن الموت على الكفر، لأنه يرادفه.
رابعها: أن يفحش ذكره في السمع، فيكنى عنه بما لا ينبو عن الطبع، قال تعالى:
(وإذا مروا باللغو مروا كراما ") (2)، أي كنوا عن لفظه، ولم يوردوه على صيغته.
ومنه قوله تعالى في جواب قوم هود: (إنا لنراك في سفاهة). (قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين)، فكنى عن تكذيبهم بأحسن.
ومنه قوله: (لكن لا تواعدوهن سرا ") (5)، فكنى عن الجماع بالسر.
وفيه لطيفة أخرى، لأنه يكون من الآدميين في السر غالبا، ولا يسره - ما عدا الآدميين - إلا الغراب. فإنه يسره، ويحكى أن بعض الأدباء أسر إلى أبي على الحاتمي كلاما فقال: (ليكن عندك أخفى من سفاد الغراب، ومن الراء في كلام الألثغ)، فقال: نعم يا سيدنا، ومن ليلة القدر، وعلم الغيب.
ومن عادة القرآن العظيم الكناية عن الجماع باللمس والملامسة والرفث، والدخول، والنكاح، ونحوهن، قال تعالى: (فالآن باشروهن) (6)، فكنى بالمباشرة عن الجماع لما فيه من النقاء البشرتين.
وقوله تعالى: (أو لامستم النساء) (7) إذ لا يخلوا الجماع من الملامسة.