ثانيها: فطنة المخاطب، كقوله تعالى في قصة داود: (خصمان بغى بعضنا على بعض)، فكنى داود يخصم على لسان ملكين تعريضا ".
وقوله في قصة النبي صلى الله عليه وسلم وزيد: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) أي زيد (ولكن رسول الله).
وقوله تعالى: (فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة)، فإنه كناية عن ألا تعاندوا عند ظهور المعجزة فتمسكم هذه النار العظيمة.
وكذا قوله تعالى: (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله).
وقوله تعالى: (جعلنا في أعناقهم أغلالا "...) (5) الآيات، فإن هذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم. والمعنى: لا تظن أنك مقصر في إنذارهم، فإنا نحن المانعون لهم من الايمان، فقد جعلناهم حطبا " للنار، ليقوى التذاذ المؤمن بالنعيم، كما لا تتبين لذة الصحيح إلا عند رؤية المريض.
ثالثها: ترك اللفظ إلى ما هو أجمل منه، كقوله تعالى: (إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة " ولي نعجة واحدة)، فكنى بالمرأة عن النعجة كعادة العرب، أنها تكنى بها عن المرأة.
وقوله: (إلا متحرفا " لقتال أو متحيزا " إلى فئة) (7)، كنى بالتحيز عن الهزيمة.