فإن قيل: فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما نزل من القرآن من آية إلا ولها ظهر وبطن ولكن حرف حد، ولكل حد مطلع)، فما معنى ذلك؟
قلت: أما قوله: (ظهر وبطن) ففي تأويله أربعة أقوال:
أحدها - وهو قول الحسن - انك إذا بحثت عن باطنها وقسته على ظاهرها وقعت على معناها.
الثاني - قول أبي عبيدة - إن القصص ظاهرها الإخبار بهلاك الأولين، وباطنها عظة للآخرين.
الثالث - قول ابن مسعود رضي الله عنه - انه ما من آية إلا عمل بها قوم، ولها قوم سيعملون بها.
الرابع - قاله بعض المتأخرين - إن ظاهرها لفظها، وباطنها تأويلها.
وقول أبي عبيدة أقربها.
وأما قوله (ولكل حرف حد)، ففيه تأويلان:
أحدهما: لكل حرف منتهي فيما أراد الله من معناه.
الثاني: معناه أن لكل حكم مقدارا من الثواب والعقاب.
وأما قوله: (ولكل حد مطلع) ففيه قولان:
أحدهما: لكل غامض من المعاني والأحكام مطلع يتوصل إلى معرفته، ويوقف على المراد به.
والثاني: لكل ما يستحقه من الثواب والعقاب مطلع يطلع عليه في الآخرة، ويراه عند المجازاة.
وقال بعضهم: منه ما لا يعلم تأويله الا الله الواحد القهار، وذلك آجال حادثة في أوقات آتية، كوقت قيام الساعة والنفخ في الصور ونزول عيسى بن مريم وما أشبه ذلك