وكأن السبب في اصطلاح بعضهم على التفرقة بين التفسير والتأويل التمييز بين المنقول والمستنبط، ليحمل على الاعتماد في المنقول، وعلى النظر في المستنبط، تجويزا " له وازديادا "، وهذا من الفروع في الدين.
تنخيل لما سبق واعلم أن القرآن قسمان: أحدهما ورد تفسيره بالنقل عمن يعتبر تفسيره، وقسم لم يرد.
والأول ثلاثة أنواع: إما ان يرد التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن الصحابة أو عن رؤوس التابعين، فالأول يبحث في عن صحة السند، والثاني ينظر في تفسير الصحابي، فإن فسره من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شك في اعتمادهم، وإن فسره بما شاهده من الأسباب والقرائن فلا شك فيه، وحينئذ إن تعارضت أقوال جماعة من الصحابة، فإن أمكن الجمع فذاك، وإن تعذر قدم ابن عباس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بذلك حيث قال: (اللهم علمه التأويل) وقد رجح الشافعي قول زيد في الفرائض، لقوله صلى الله عليه وسلم (أفرضكم زيد) فإن تعذر الجمع جاز للمقلد أن يأخذ بأيها شاء. وأما الثالث، وهم رؤوس التابعين إذا لم يرفعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا إلى أحد من الصحابة، رضي الله عنهم فحيث جاز التقليد فيما سبق، فكذا هنا، وإلا وجب الاجتهاد.
الثاني ما لم يرد فيه نقل عن المفسرين، وهو قليل، وطريق التوصل إلى فهمه النظر إلى مفردات الألفاظ من لغة العرب ومدلولاتها واستعمالها بحسب السياق، وهذا يعتنى به الراغب كثيرا " في كتاب " المفردات " فيذكر قيدا زائدا على أهل اللغة في تفسير مدلول اللفظ، لأنه اقتنصه من السياق.