فأما اللغة فعلى المفسر معرفة معانيها، ومسميات أسمائها، ولا يلزم ذلك القارئ. ثم إن كان ما تتضمنه ألفاظها يوجب العمل دون العلم، كفى فيه خبر الواحد والاثنين والاستشهاد بالبيت والبيتين، وإن كان مما يوجب العلم لم يكف ذلك، بل لا بد أن يستفيض ذلك اللفظ، وتكثر شواهده من الشعر.
وأما الإعراب، فما كان اختلافه محيلا " للمعنى وجب على المفسر والقارئ تعلمه، ليتوصل المفسر إلى معرفة الحكم، وليسلم القارئ من اللحن، وإن لم يكن محيلا " للمعنى وجب تعلمه على القارئ ليسلم من اللحن، ولا يجب على المفسر ليتوصل إلى المقصود دونه، على أن جهله نقص في حق الجميع.
إذا تقرر ذلك، فما كان من التفسير راجعا " إلى هذا القسم فسبيل المفسر التوقف فيه على ما ورد في لسان العرب، وليس لغير العالم بحقائق اللغة ومفهوماتها تفسير شئ من الكتاب العزيز ولا يكفي في حقه تعلم اليسير منها، فقد يكون اللفظ مشتركا " وهو يعلم أحد المعنيين.
الثاني: ما لا يعذر واحد بجهله، وهو ما تتبادر الأفهام إلى معرفة معناه من النصوص المتضمنة شرائع الأحكام ودلائل التوحيد، وكل لفظ أفاد معنى واحدا جليا لا سواه يعلم أنه مراد الله تعالى.
فهذا القسم لا يختلف حكمه، ولا يلتبس تأويله، إذ كل أحد يدرك معنى التوحيد من قوله تعالى: (فاعلم أنه لا إله إلا الله)، وأنه لا شريك له في إلهيته،