قيل: فيه جوابان:
أحدهما: أن يكون الظن لفرعون، وهو شك لأنه قال قبله: (فأطلع إلى إله موسى) وإني لأظن موسى كاذبا، فالظن على هذا لفرعون.
والثاني: أن يكون تم الكلام عند قوله: (أسباب السماوات فاطلع إلى إله موسى وإني لأظنه) على معنى: وإني لأعلمه كاذبا، فإذا كان الظن لله. كان علما ويقينا، ولم يكن شكا كقوله: (إني ظننت أني ملاق حسابيه) (1).
وقوله: (لا تأخذه سنة ولا نوم) (2) لم يرد سبحانه بنفي النوم والسنة عن نفسه إثبات اليقظة والحركة، لأنه لا يقال لله تعالى: يقظان ولا نائم، لأن اليقظان لا يكون إلا عن نوم، ولا يجوز وصف القديم به، وإنما أراد بذلك نفى الجهل والغفلة، كقوله: ما أنا عنك بغافل.
قوله تعالى: (لما خلقت بيدي) (3) قال السهيلي: اليد في الأصل كالمصدر، عبارة عن صفة لموصوف، ولذلك مدح سبحانه وتعالى بالأيدي مقرونة مع الإبصار في قوله:
(أولى الأيدي والإبصار) (4) ولم يمدحهم بالجوارح، لأن المدح إنما يتعلق بالصفات لا بالجواهر، قال: وإذا ثبت هذا فصح قول الأشعري: إن اليدين (5) في قوله تعالى: (لما خلقت بيدي) (6) صفة ورد بها الشرع ولم يقل إنها في معنى القدرة كما قال المتأخرون من أصحابه، ولا بمعنى النعمة، ولا قطع بشئ من التأويلات تحرزا منه عن مخالفة السلف، وقطع بأنها صفة تحرزا عن مذاهب المشبهة.