وفيه ضعف لا سيما إذا قلنا: إن الرحمن علم لا صفة، وهو قول الأعلم وابن مالك.
وأجاب الواحدي في " البسيط " بأنه لما كان الرحمن كالعلم - إذ لا يوصف به إلا الله - قدم، لأن حكم الأعلام وغيرها من المعارف أن يبدأ بها، ثم يتبع الأنكر، وما كان من التعريف أنقص.
قال: وهذا مذهب سيبويه وغيره من النحويين، فجاء هذا على منهاج كلام العرب.
وأجاب الجويني بأن الرحمن للخلق، والرحيم لهم بالرزق، والخلق قبل الرزق.
ومنها أن أسماء الله تعالى إنما يقصد بها المبالغة في حقه، والنهاية في صفاته وأكثر صفاته سبحانه جارية على (فعيل) كرحيم، وقدير، وعليم، وحكيم، وحليم، وكريم، ولم يأت على (فعلان) إلا قليل. ولو كان (فعلان) أبلغ لكان صفات الباري تعالى عليه أكثر.
قلت: وجواب هذا أن ورود (فعلان) بصيغة التكثير كان في عدم تكرار الوصف به، بخلاف (فعيل) فإنه لما لم يرق في الكثرة رقته كثر في مجئ الوصف.
ومنها: أنه إن كانت المبالغة في (فعلان) من جهة موافقه لفظ التثنية - كما زعم السهيلي - ففعيل من أبنية جمع الكثرة كعبيد. وكليب، ولا شك أن الجمع أكثر من التثنية - وهذا أحسنها.
قال: وقول قطرب (إنهما بمعنى واحد) فاسد، لأنه لو كان كذلك لتساويا في التقديم والتأخير، وهو ممتنع.