والفرق بينه وبين الصفة أن البدل في تقدير تكرار العامل، وكأنه في التقدير من جملتين، بدليل تكرر حرف الجر في قوله: (قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم)، وبدليل بدل النكرة من المعرفة والمظهر من المضمر، وهذا مما يمتنع في الصفة، فكما أعيدت اللام الجارة في الاسم، فكذلك تكرار العامل الرافع أو الناصب في تقدير التكرار، وهو إن كان كذلك فلا يخرج عن أن يكون فيه تبيين للأول كالصفة.
وقيل لأبي علي: كيف يكون البدل إيضاحا " للمبدل منه، وهو من غير جملته؟ فقال:
لما لم يظهر العامل في البدل، وإنما دل عليه العامل في المبدل منه، واتصل البدل بالمبدل منه في اللفظ، جاز أن يوضحه.
ومن فوائد البدل التبيين على وجه المدح فقولك: هل أدلك على أكرم الناس وأفضلهم؟ فلان، أبلغ من قولك: فلان الأكرم والأفضل، بذكره مجملا ثم مفصلا.
وقال الأخفش والواحدي في بدل البعض من الكل، نحو: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا "): يسمى هذا بدل البيان، لأن الأول يدل على العموم، ثم يؤتى بالبدل إن أريد البعض.
واعلم أن في كلام البدلين - أعني بدل البعض وبدل الاشتمال - بيانا " وتخصيصا " للمبدل منه، وفائدة البدل أن ذلك الشئ يصير مذكورا مرتين: إحداهما بالعموم، والثانية بالخصوص.
ومن أمثلته قوله تعالى: (إهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين).