وقيل: لأن القول يطلق على الاعتقاد، فأفاد (بأفواههم) التنصيص على أنه باللسان دون القلب، ولو لم يقيد لم يستفد هذا المعنى، ويشهد له: (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك...) الآية، فلم يكذب ألسنتهم، بل كذب ما انطوى عن ضمائرهم، من خلافه.
وإنما قال: (في بطونهم نارا ")، لأنه يقال: أكل في بطنه إذا أمعن، وفي بعض بطنه، إذا اقتصر، قال:
كلوا في بعض بطنكم تعفوا * فإن زمانكم زنن خميص فكأنه قيل: يأكلون ما يجر - إذا امتلأت بطونهم - نارا ".
وإنما قال: (التي في الصدور)، فإنه سبحانه لما دعاهم إلى التفكير والتعقل وسماع أخبار من مضى من الأمم، وكيف أهلكهم بتكذيبهم رسله ومخالفتهم لهم قال:
(أولم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها) قال ابن قتيبة: وهل شئ أبلغ في العظمة والعزة من هذه الآية! لأن الله تعالى أراد: أفلم يسيروا في الأرض فينظروا إلى آثار قوم أهلكهم الله بالكفر والعتو فيروا بيوتا خاوية قد سقطت على عروشها، وبئرا يشرب أهلها فيها قد عطلت، وقصرا " بناه ملكه بالشيد خلا من السكن، وتداعى بالخراب، فيتعظوا بذلك، ويخافوا من عقوبة الله، مثل الذي نزل بهم!