وقوله: (وما أدري ما يفعل بي ولا بكم) (1) نسختها آيات القيامة والكتاب والحساب.
وهنا سؤال، وهو أن يسأل: ما الحكمة في رفع الحكم وبقاء التلاوة؟
والجواب من وجهين: أحدهما أن القرآن كما يتلى ليعرف الحكم منه، والعمل به، فيتلى لكونه كلام الله تعالى فيثاب عليه، فتركت التلاوة لهذه الحكمة.
وثانيهما أن النسخ غالبا يكون للتخفيف، فأبقيت التلاوة تذكيرا " بالنعمة ورفع المشقة، وأما حكمة النسخ قبل العمل، كالصدقة عند النجوى فيثاب على الإيمان به وعلى نية طاعة الأمر.
الثالث: نسخهما جميعا، فلا تجوز قراءته ولا العمل به، كآية التحريم بعشر رضعات فنسخن بخمس، قالت عائشة: كان مما أنزل عشر رضعات معلومات، فنسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مما يقرأ من القرآن.
رواه مسلم.
وقد تكلموا في قولها: (وهي مما يقرأ) فإن ظاهره بقاء التلاوة، وليس كذلك، فمنهم من أجاب بأن المراد قارب الوفاة، والأظهر أن التلاوة نسخت أيضا " ولم يبلغ ذلك كل الناس إلا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتوفي وبعض الناس يقرؤها.
وقال أبو موسى الأشعري: نزلت ثم رفعت.
وجعل الواحدي من هذا ما روي عن أبي بكر رضي الله عنه قال: كنا نقرأ:
(لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر) وفيه نظر.
وحكى القاضي أبو بكر في " الانتصار " عن قوم إنكار هذا القسم، لأن