ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب. وكنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات (1) فأنسيتها، غير أنى حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون. فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة).
وذكر الإمام المحدث أبو الحسين أحمد بن جعفر (2) المنادى في كتابه " الناسخ والمنسوخ ": مما رفع رسمه من القرآن ولم يرفع من القلوب حفظه سورتا القنوت في الوتر، قال: ولا خلاف بين الماضين والغابرين أنهما مكتوبتان في المصاحف المنسوبة إلى أبي بن كعب، وأنه ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أقرأه إياهما، وتسمى سورتا الخلع والحفد.
وهنا سؤال، وهو أن يقال: ما الحكمة في رفع التلاوة مع بقاء الحكم؟ وهلا أبقيت التلاوة ليجتمع العمل بحكمها وثواب تلاوتها؟ وأجاب صاحب " الفنون " (3) فقال: إنما كان كذلك ليظهر به مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريق الظن من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به، فيسرعون بأيسر شئ، كما سارع الخليل إلى ذبح ولده بمنام، والمنام أدنى طرق الوحي.
الضرب الثاني: ما نسخ حكمه وبقي تلاوته، وهو في ثلاث وستين سورة، كقوله تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا...) (4) الآية، فكانت المرأة إذا مات زوجها لزمت التربص بعد انقضاء العدة حولا كاملا، ونفقتها في مال الزوج، ولا ميراث لها، وهذا معنى قوله: (متاعا " إلى الحول غير اخراج...) (5) الآية، فنسخ الله