فما و (لا) في الماضي والمستقبل متقابلان، و (لم) و (لن) في الماضي والمستقبل متقابلان، و (لم) كأنه مأخوذ من (لا) (وما) نفي للاستقبال لفظا "، فأخذ اللام من (لا) التي هي لنفي الأمر في المستقبل، والميم من (ما) التي هي لنفي الأمر في الماضي، وجمع بينهما إشارة إلى أن في (لم) المستقبل والماضي، وقدم اللام على الميم إشارة إلى أن (لا) هو أصل النفي، ولهذا ينفي بها في أثناء الكلام، فيقال: (لم يفعل زيد ولا عمرو) و (لن أضرب زيدا " ولا عمرا ").
أما (لما) فتركيب بعد تركيب، كأنه قال: (لم) و (ما)، لتوكيد معنى النفي في الماضي، وتفيد الاستقبال أيضا "، ولهذا تفيد (لما) الاستمرار، كما قال الزمخشري: إذا قلت: (ندم زيد ولم ينفعه الندم) أي حال الندم لم ينفعه وإذا قلت: (ندم زيد ولما ينفعه الندم) أي حال الندم، واستمر عدم نفعه.
قلت: وقال الفارسي: إذا نفي بها الفعل اختصت بنفي الحال، ويجوز أن يتسع فيها فينفي بها الحاضر، نحو: (ما قام وما قعد).
قال الخويي: والفرق بين النفي (بلم) و (ما) أن النفي (بما) كقولك: (ما قام زيد) معناه أن وقت الإخبار هذا الوقت، وهو إلى الآن ما فعل، فيكون النفي في الماضي، وأن النفي (بلم) كقولك: (لم يقم) تجعل المخبر نفسه بالعرض متكلما في الأزمنة الماضية، ولأنه يقول في كل زمان في تلك الأزمنة: أنا أخبرك بأنه لم يقم.
وعلى هذا فتأمل السر في قوله تعالى: (لم يتخذ ولدا ") وفي موضع آخر: (ما اتخذ الله من ولد)، لأن الأول في مقام طلب الذكر والتشريف به للثواب، والثاني في مقام التعليم، وهو لا يفيد إلا بالنفي عن جميع الأزمنة.