ومنه قوله تعالى: (ومالي لا أعبد الذي فطرني) (1)، المراد: مالكم لا تعبدون، بدليل قوله: (إليه ترجعون) (1)، ولولا التعريض لكان المناسب (واليه أرجع).
وكذا قوله: (أأتخذ من دونه آلهة ") (1)، والمراد: أتتخذون من دون آلهة.
(إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا " ولا ينقذون. إني إذا " لفي ضلال مبين) (2)، ولذلك قيل: (آمنت بربكم فاسمعون) دون (ربي)، (وأتبعه)، (فاسمعوه).
ووجه حسنه ظاهر، لأنه يتضمن إعلام السامع على صورة لا تقتضي مواجهته بالخطاب المنكر، كأنك لم تعنه، وهو أعلى في محاسن الأخلاق وأقرب للقبول، وأدعى للتواضع، والكلام ممن هو رب العالمين نزله بلغتهم، وتعليما للذين يعقلون.
قيل: ومنه قوله تعالى: (قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون)، فحصل المقصود في قالب التلطف، وكان حق الحال من حيث الظاهر، لولاه أن يقال: (لا تسألون عما عملنا ولا نسأل عما تجرمون).
وكذا مثله: (وإنا أو إياكم لعلى هدى " أو في ضلال مبين)، حيث ردد الضلال بينهم وبين نفسهم، والمراد: إنا على هدى وأنتم في ضلال، وإنما لم يصرح به لئلا تصير هنا نكته، هو أنه خولف في هذا الخطاب بين (على)، و (في) بدخول (على) على الحق، و (في) علي الباطل، لأن صاحب الحق، كأنه على فرس جواد يركض به، حيث أراد، وصاحب الباطل كأنه منغمس في ظلام لا يدري أين يتوجه.
قال السكاكي: ويسمى هذا النوع الخطاب المنصف، أي لأنه يوجب أن