ومنه قوله تعالى: (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا...) الآية.
وهذا مما لا تشريك كما فيه.
وقال المبرد في " الكامل ": لا ينبغي أن يستعمل ضمير الجمع في واحد من المخلوقين على حكم الاستلزام، لأن ذلك كبر وهو، مختص به سبحانه.
ومن هذا ما حكاه الحريري في شرح " الملحة " عن بعضهم أنه منع من إطلاق لفظه (نحن) على غير الله تعالى من المخلوقين، لما فيها من التعظيم، وهو غريب. وحكى بعضهم خلافا في نون الجمع الواردة في كلامه سبحانه وتعالى، فقيل: جاءت للعظمة يوصف بها سبحانه، وليس لمخلوق أن ينازعه فيها، فعلى هذا [القول] يكره للملوك استعمالها في قولهم: (نحن نفعل كذا). وقيل في علتها: إنها كانت لما كانت تصاريف أقضيته تجري على أيدي خلقه تنزلت أفعالهم منزلة فعله، فلذلك ورد الكلام مورد الجمع، فعلى هذا [القول] يجوز مباشرة النون لكل من لا يباشر بنفسه.
فأما قول العالم: (نحن نبين) و (نحن نشرح) فمسفوح له فيه، لأنه يخبر بنون الجمع عن نفسه وأهل مقالته.