للقضاء أسفرت عاقبته عن اليد البيضاء. قال قتادة: لقد فرح به أبواه حين ولد وحزنا عليه حين قتل، ولو بقي كان فيه هلاكهما. فالواجب على كل امرئ الرضا بقضاء الله تعالى، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه له فيما يحب.
قوله تعالى: (وأما الجدار فكان لغلامين) هذان الغلامان صغيران بقرينة وصفهما باليتم، واسمهما أصرم وصريم (1). وقد قال عليه الصلاة والسلام: (لا يتم بعد بلوغ) هذا هو الظاهر. وقد يحتمل أن يبقى عليهما أسم اليتم بعد البلوغ إن كانا يتيمين، على معنى الشفقة عليهما. وقد تقدم (2) أن اليتم في الناس من قبل فقد الأب، وفي غيرهم من الحيوان من قبل فقد الام. ودل قوله: " في المدينة " على أن القرية تسمى مدينة، ومنه الحديث (أمرت بقرية (3) تأكل القرى) وفي حديث الهجرة (لمن أنت) فقال الرجل: من أهل المدينة، يعني مكة.
قوله تعالى: (وكان تحته كنز لهما) اختلف الناس في الكنز، فقال عكرمة وقتادة:
كان مالا جسيما وهو الظاهر من اسم الكنز إذ هو في اللغة المال المجموع، وقد مضى القول (4) فيه. وقال ابن عباس: كان علما في صحف مدفونة. وعنه أيضا قال: كان لوحا من ذهب مكتوبا فيه بسم الله الرحمن الرحيم، عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن، عجبت لمن يؤمن بالرزق كيف يتعب، عجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح، عجبت لمن يؤمن بالحساب كيف يغفل، عجبت لمن يؤمن بالدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن لها، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وروي نحوه عن عكرمة وعمر مولى غفرة، ورواه عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: (وكان أبوهما صالحا) ظاهر اللفظ والسابق منه أنه والدهما دنية (5). وقيل:
هو الأب السابع، قاله جعفر بن محمد. وقيل: العاشر فحفظا فيه وإن لم يذكر بصلاح، وكان يسمى كاشحا، قاله مقاتل اسم أمهما دنيا (6)، ذكره النقاش (7). ففيه ما يدل على أن الله تعالى