إن الله سميع بصيرا " (1) [الحج: 75] وقال تعالى: " الله أعلم حيث يجعل رسالته " (2) [الانعام: 241] وقال تعالى: " كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين " (3) [البقرة: 213] [الآية] (4) إلى غير ذلك من الآيات.
وعلى الجملة فقد حصل العلم القطعي، واليقين الضروري واجتماع السلف والخلف على أن لا طريق لمعرفة أحكام الله تعالى التي هي راجعة إلى أمره ونهيه، ولا يعرف شئ منها إلا من جهة الرسل، فمن قال: إن هناك طريقا آخر يعرف بها أمره ونهيه غير الرسل بحيث يستغنى عن الرسل فهو كافر يقتل ولا يستتاب، ولا يحتاج معه إلى سؤال ولا جواب، ثم هو قول بإثبات أنبياء بعد نبينا عليه الصلاة والسلام، الذي قد جعله الله خاتم أنبيائه ورسله، فلا نبي بعده ولا رسول. وبيان ذلك أن من قال يأخذ عن قلبه وأن ما يقع فيه [هو] (4) حكم الله تعالى وأنه يعمل بمقتضاه، وأنه لا يحتاج مع ذلك إلى كتاب ولا سنة، فقد أثبت لنفسه خاصة النبوة، فإن هذا نحو ما قاله [رسول الله] (4) عليه الصلاة والسلام: (إن روح القدس نفث في روعي) الحديث.
الرابعة - ذهب الجمهور من الناس إلى أن الخضر مات صلى الله عليه وسلم. وقالت فرقة: [إنه] (4) حي لأنه شرب من عين الحياة، وأنه باق في الأرض وأنه يحج البيت.
قال بن عطية: وقد أطنب النقاش في هذا المعنى، وذكر في كتابه أشياء كثيرة عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه وغيره، وكلها لا تقوم على ساق. ولو كان الخضر عليه السلام حيا يحج لكان له في ملة الاسلام ظهور، والله العليم بتفاصيل الأشياء لا رب غيره. ومما يقضي بموت الخضر عليه السلام الآن قوله عليه السلام: (أرأيتكم ليلتكم هذه فإنه لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد) (5).
قلت: إلى هذا ذهب البخاري واختاره القاضي أبو بكر بن العربي، والصحيح القول الثاني وهو أنه حي على ما نذكره. وهذا والحديث خرجه مسلم في صحيحه عن عبد الله ابن عمر قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته فلما سلم قام فقال: (أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على