قوله تعالى: (قالوا يا موسى) يريد السحرة. (إما أن تلقى) عصاك من يدك (وإما أن نكون أول من ألقى) تأدبوا مع موسى فكان ذلك سبب إيمانهم. (قال بل ألقوا فإذا حبالهم) في الكلام حذف، أي فألقوا، دل عليه المعنى. وقرأ الحسن: (وعصيهم) بضم العين. قال هارون القارئ: لغة بنى تميم " وعصيهم " وبها يأخذ الحسن. الباقون بالكسر اتباعا لكسرة الصاد. ونحوه دلي ودلي وقسي وقسي. (يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى). وقرأ ابن عباس وأبو حياة وابن ذكوان وروح عن يعقوب: " تخيل " بالتاء، وردوه إلى العصي والحبال إذ هي مؤنثة. وذلك أنهم لطخوا العصي بالزئبق، فلما أصابها حر الشمس ارتهشت واهتزت. قال الكلبي: خيل إلى موسى أن الأرض حياة وأنها تسعى على بطنها. وقرئ: " تخيل " بمعنى تتخيل وطريقه طريق " تخيل " ومن قرأ " يخيل " بالياء رده إلى الكيد. وقرئ " نخيل " بالنون على أن الله هو المخيل للمحنة والابتلاء. وقيل:
الفاعل. " أنها تسعى " ف " - أن " في موضع رفع، أي يخيل إليه سعيها، قاله الزجاج.
وزعم الفراء أن موضعها موضع نصب، أي بأنها ثم حذف الباء. والمعنى في الوجه الأول:
تشبه إليه من سحرهم وكيدهم حتى ظن أنها تسعى. وقال الزجاج: ومن قرأ بالتاء جعل " أن " في موضع نصب أي تخيل إليه ذات سعي. قال: ويجوز أن تكون في موضع رفع بدلا من الضمير في " تخيل " وهو عائد على الحبال والعصي، والبدل فيه بدل اشتمال. و " تسعى " معناه تمشي.
قوله تعالى: (فأوجس في نفسه خيفة موسى) أي أضمر. وقيل: وجد. وقيل:
أحس. أي من الحيات وذلك على ما يعرض من طباع البشر على ما تقدم. وقيل: خاف أن يفتتن الناس قبل أن يلقي عصاه. وقيل: خاف حين أبطأ عليه الوحي بإلقاء العصا أن يفترق الناس قبل ذلك فيفتتنوا. وقال بعض أهل الحقائق: إن كان السبب أن موسى عليه السلام لما التقى بالسحرة وقال لهم: " ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب " التفت فإذا جبريل على يمينه فقال له يا موسى ترفق بأولياء الله. فقال موسى: يا جبريل هؤلاء سحرة جاءوا بسحر عظيم ليبطلوا المعجزة، وينصروا دين فرعون، ويردوا دين الله، تقول: ترفق