قال ابن عباس: فاصنع ما أنت صانع. وقيل: فاحكم ما أنت حاكم، أي من القطع والصلب.
وحذفت الياء من قاض في الوصل لسكونها وسكون التنوين. واختار سيبويه إثباتها في الوقف لأنه قد زالت علة [التقاء] (1) الساكنين. (إنما تقضى هذه الحياة الدنيا) أي إنما ينفذ أمرك فيها. وهي منصوبة على الظرف، والمعنى: إنما تقضى في متاع هذه الحياة الدنيا. أو وقت هذه الحياة الدنيا، فتقدر حذف المفعول. ويجوز أن يكون التقدير: إنما تقضي أمور هذه الحياة الدنيا، فتنتصب انتصاب المفعول و " ما " كافة لان. وأجاز الفراء الرفع على أن تجعل " ما " بمعنى الذي وتحذف الهاء من تقضي ورفعت " هذه الحياة الدنيا ". (إنا آمنا بربنا) أي صدقنا بالله وحده لا شريك له وما جاءنا به موسى. (ليغفر لنا خطايانا) يريدون الشرك الذي كانوا عليه. (وما أكرهتنا عليه من السحر) " ما " في موضع نصب معطوفة على الخطايا.
وقيل: لا موضع لها وهي نافية، أي ليغفر لنا خطايانا من السحر وما أكرهتنا عليه. النحاس:
والأول أولى. المهدوي: وفيه بعد، لقولهم: " إن لنا لاجرا إن كنا نحن الغالبين " (2) وليس هذا بقول مكرهين، ولأن الاكراه ليس بذنب، وإن كان يجوز أن يكونوا أكرهوا على تعليمه صغارا. قال الحسن: كانوا يعلمون السحر أطفالا ثم عملوه مختارين بعد. ويجوز أن يكون " ما " في موضع رفع بالابتداء ويضمر الخبر، والتقدير: وما أكرهتنا عليه من السحر موضوع عنا. و " من السحر " على هذا القول والقول الأول يتعلق ب " - أكرهتنا ". وعلى أن " ما " نافية يتعلق ب " - خطايانا ". (والله خير وأبقى) أي ثوابه خير وأبقى فحذف المضاف، قاله ابن عباس. وقيل: الله خير لنا منك وأبقى عذابا لنا من عذابك لنا وهو جواب قوله:
" ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى " وقيل: الله خير لنا إن أطعناه، وأبقى عذابا منك إن عصيناه.
قوله تعالى: (إنه من يأت ربه مجرما) قيل: هو من قول السحرة لما آمنوا.
وقيل: ابتداء كلام من الله عز وجل. والكناية في " إنه " ترجع إلى الامر والشأن. ويجوز إن من يأت، ومنه قول الشاعر:
إن من يدخل الكنيسة يوما * يلق فيها جآذرا وظباء (3)