بأولياء الله! فقال جبريل: هم من الساعة إلى صلاة العصر عندك، وبعد صلاة العصر في الجنة. فلما قال له ذلك، أوجس في نفس موسى وخطر أن ما يدريني ما علم الله في، فلعلي أكون الآن في حالة، وعلم الله في علي خلافها كما كان هؤلاء. فلما علم الله ما في قلبه أوحى الله إليه " لا تخف إنك أنت الاعلى " أي الغالب لهم في الدنيا، وفي الدرجات العلا في الجنة، للنبوة والاصطفاء الذي أتاك الله به. وأصل " خيفة " خوفة فانقلبت الواو ياء لانكسار الخاء.
قوله تعالى: (وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا) (1) ولم يقل وألق عصاك، فجائز أن يكون تصغيرا لها، أي لا تبال بكثرة حبالهم وعصيهم، وألق العويد الفرد الصغير الجرم الذي في يمينك، فإنه بقدرة الله يتلقفها على وحدته وكثرتها، وصغره وعظمها. وجائز أن يكون تعظيما لها أي لا تحفل بهذه الأجرام الكثيرة الكبيرة فإن في يمينك شيئا أعظم منها كلها، وهذه على كثرتها أقل شئ وأنزره عندها، فألقه يتلقفها بإذن الله ويمحقها. و " تلقف " بالجزم جواب الامر، كأنه قال: إن تلقه تتلقف، أي تأخذ وتبتلع. وقرأ السلمي وحفص: " تلقف " ساكنة اللام من لقف يلقف لقفا. وقرأ ابن ذكوان وأبو حياة الشامي ويحيى بن الحرث " تلقف " بحذف التاء ورفع الفاء، على معنى فإنها تتلقف. والخطاب لموسى. وقيل: للعصا. واللقف الاخذ بسرعة، يقال: لقفت الشئ " بالكسر " ألقفه لقفا، وتلقفته أيضا أي تناولته بسرعة.
عن يعقوب: يقال رجل لقف ثقف أي خفيف حاذق. واللقف " بالتحريك " سقوط الحائط. ولقد لقف الحوض لقفا أي تهور من أسفله وأتسع. وتلقف وتلقم وتلهم بمعنى. وقد مضى في (الأعراف) (2). لقمت اللقمة " بالكسر " لقما، وتلقمتها إذا ابتلعتها في مهلة. وكذلك لهمه " بالكسر " إذا ابتلعه. " ما صنعوا " أي الذي صنعوه. وكذا (إنما صنعوا) أي إن الذي صنعوه " كيد " بالرفع " سحر " بكسر السين وإسكان الحاء، وهي قراءة الكوفيين إلا عاصما. وفيه وجهان: أحدهما - أن يكون الكيد مضافا إلى السحر