قوله تعالى: (يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى) هذا من قول فرعون للسحرة، أي غرضهما إفساد دينكم الذي أنتم عليه، كما قال فرعون:
" إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد " (1) [غافر: 26]. ويقال فلان حسن الطريقة أي حسن المذهب. وقيل: طريقة القوم أفضل القول، وهذا الذي ينبغي أن يسلكوا طريقته ويقتدوا به، فالمعنى: ويذهبا بسادتكم ورؤسائكم، استمالة لهم. أو يذهبا ببني إسرائيل وهم الأماثل وإن كانوا خولا لكم لما يرجعون إليه من الانتساب إلى الأنبياء.
أو يذهبا بأهل طريقتكم فحذف المضاف. و " المثلى " تأنيث الأمثل، كما يقال الأفضل والفضلي. وأنث الطريقة على اللفظ، وإن كان يراد بها الرجال. ويجوز أن يكون التأنيث على الجماعة. وقال الكسائي: " بطريقتكم " بسنتكم وسمتكم. و " المثلى " نعت كقولك امرأة كبرى. تقول العرب: فلان على الطريقة المثلى يعنون على الهدى المستقيم.
قوله تعالى: (فأجمعوا كيدكم) الاجماع الاحكام والعزم على الشئ. تقول: أجمعت الخروج وعلى الخروج أي عزمت. وقراءة كل الأمصار " فأجمعوا " إلا أبا عمرو فإنه قرأ:
" فاجمعوا " بالوصل وفتح الميم. وأحتج بقوله تعالى: " فجمع كيده ثم أتى ". قال النحاس:
وفيما حكي لي عن محمد بن يزيد أنه قال: يجب على أبي عمرو أن يقرأ بخلاف قراءته هذه، وهي القراءة التي عليها أكثر الناس. قال: لأنه احتج ب " - جمع " وقوله عز وجل:
" فجمع كيده " قد ثبت هذا فيبعد أن يكون بعده " فاجمعوا " ويقرب أن يكون بعده " فأجمعوا " أي اعزموا وجدوا، ولما تقدم ذلك وجب أن يكون هذا بخلاف معناه. يقال: أمر مجمع ومجمع عليه. قال النحاس: ويصحح قراءة أبي عمرو " فاجمعوا " أي اجمعوا كل كيد لكم وكل حيلة فضموه مع أخيه. وقاله أبو إسحاق. الثعلبي: القراءة بقطع الألف وكسر الميم لها وجهان: أحدهما - بمعنى الجمع، تقول: أجمعت الشئ وجمعته بمعنى واحد، وفي الصحاح: وأجمعت الشئ جعلته جميعا، قال أبو ذؤيب يصف حمرا:
فكأنها بالجزع بين نبايع * وأولات ذي العرجاء نهب مجمع