لا العجل. (فاتبعوني) في عبادته. (وأطيعوا أمري) لا أمر السامري. أو فاتبعوني في مسيري إلى موسى ودعوا العجل. فعصوه و (قالوا لن نبرح عليه عاكفين) أي لن نزال مقيمين على عبادة العجل (حتى يرجع إلينا موسى) فينظر هل يعبده كما عبدناه، فتوهموا أن موسى يعبد العجل، فاعتزلهم هارون في أثنى عشر ألفا، الذين (1) لم يعبدوا العجل فلما رجع موسى وسمع الصياح والجلبة وكانوا يرقصون حول العجل قال للسبعين معه: هذا صوت الفتنة، فلما رأى هارون أخذ شعر رأسه بيمينه ولحيته بشماله غضبا و (قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا) أي أخطئوا الطريق وكفروا. (ألا تتبعن) " لا " زائدة أي أن تتبع أمري ووصيتي.
وقيل: ما منعك عن اتباعي في الانكار عليهم. وقيل: معناه هلا قاتلتهم إذ قد علمت أني لو كنت بينهم لقاتلتهم على كفرهم. وقيل: ما منعك من اللحوق بي لما فتنوا. (أفعصيت أمري) يريد أن مقامك بينهم وقد عبدوا غير الله تعالى عصيان منك لي، قاله ابن عباس.
وقيل: معناه هلا فارقتهم فتكون مفارقتك إياهم تقريعا لهم وزجرا. ومعنى: " أفعصيت أمري " قيل: إن أمره ما حكاه الله تعالى عنه " وقال موسى لأخيه هارون أخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين " (2) [الأعراف: 142]، فلما أقام معهم ولم يبالغ في منعهم والانكار عليهم نسبه إلى عصيانه ومخالفة أمره.
مسألة - وهذا كله أصل في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتغييره ومفارقة أهله، وأن المقيم بينهم لا سيما إذا كان راضيا حكمه كحكمهم. وقد مضى هذا المعنى في آل عمران والنساء والمائدة والانعام والأعراف والأنفال. وسئل الإمام أبو بكر الطرطوشي رحمه الله:
ما يقول سيدنا الفقيه في مذهب الصوفية؟ وأعلم - حرس الله مدته - أنه أجتمع جماعة من رجال، فيكثرون من ذكر الله تعالى، وذكر محمد صلى الله عليه وسلم، ثم إنهم يوقعون بالقضيب على شئ من الأديم، ويقوم بعضهم يرقص ويتواجد حتى يقع مغشيا عليه، ويحضرون شيئا يأكلونه. هل الحضور معهم جائز أم لا؟ أفتونا مأجورين، [يرحمكم الله] (3) وهذا القول الذي يذكرونه