أبو عبيدة وغيره: أنه يقال حل يحل إذا وجب وحل يحل إذا نزل. وكذا قال الفراء: الضم من الحلول بمعنى الوقوع والكسر من الوجوب. والمعنيان متقاربان إلا أن الكسر أولى، لأنهم قد أجمعوا على قوله: " ويحل عليه عذاب مقيم " (1) [هود: 39]. وغضب الله عقابه ونقمته وعذابه.
" فقد هوى " قال الزجاج: فقد هلك، أي صار إلى الهاوية وهي قعر النار، من هوى يهوي هويا أي سقط من علو إلى سفل، وهوى فلان أي مات. وذكر ابن المبارك: أخبرنا إسماعيل بن عياش قال حدثنا ثعلبة بن مسلم عن أيوب بن بشير عن شفى الأصبحي (2) قال:
إن في جهنم جبلا يدعى صعودا يطلع فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يرقاه، قال الله تعالى:
" سأرهقه صعودا " (3) [المدثر: 17] وإن في جهنم قصرا يقال له هوى يرمى الكافر من أعلاه فيهوي أربعين خريفا قبل أن يبلغ أصله (4) قال الله تعالى " ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى " وذكر الحديث، وقد ذكرناه في كتاب " التذكرة ".
قوله تعالى: (وإني لغفار لمن تاب) أي من الشرك. (وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) أي أقام على إيمانه حتى مات عليه، قاله سفيان الثوري وقتادة وغيرهما. وقال ابن عباس:
أي لم يشك في إيمانه، ذكره الماوردي والمهدوي. وقال سهل بن عبد الله التستري وابن عباس أيضا: أقام على السنة والجماعة، ذكره الثعلبي. وقال أنس: أخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ذكره المهدوي، وحكاه الماوردي عن الربيع بن أنس. وقول خامس: أصاب العمل، قاله ابن زيد، وعنه أيضا تعلم العلم ليهتدي كيف يفعل، ذكر الأول المهدوي، والثاني الثعلبي. وقال الشعبي ومقاتل والكلبي: علم أن لذلك ثوابا وعليه عقابا، وقاله الفراء.
وقول ثامن: " ثم اهتدى " في ولاية أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، قاله ثابت البناني.
والقول الأول أحسن هذه الأقوال - إن شاء الله - وإليه يرجع سائرها. قال وكيع عن سفيان: كنا نسمع في قوله عز وجل: " وإني لغفار لمن تاب " أي من الشرك " وآمن " أي بعد الشرك " وعمل صالحا " صلى وصام " ثم أهتدي " مات على ذلك.