ب " إني نذرت للرحمن صوما " وإنما ورد بأنها أشارت، فيقوى بهذا قول من قال: إن أمرها ب " - قولي " إنما أريد به الإشارة. ويروى أنهم لما أشارت إلى الطفل قالوا:
استخفافها بنا أشد علينا من زناها، ثم قالوا لها على جهة التقرير " كيف نكلم من كان في المهد صبيا " و " كان " هنا ليس يراد بها الماضي (1)، لان كل واحد قد كان في المهد صبيا، وإنما هي في معنى هو [الآن] (2). وقال أبو عبيدة: (كان) هنا لغو، كما قال: (3) * وجيران لنا كانوا كرام * وقيل: هي بمعنى الوجود والحدوث كقوله: " وإن كان ذو عسرة " (4) وقد تقدم.
وقال ابن الأنباري: لا يجوز أن يقال زائدة وقد نصبت " صبيا " ولا أن يقال " كان " بمعنى حدث، لأنه لو كانت بمعنى الحدوث والوقوع لاستغنى فيه عن الخبر، تقول: كان الحر وتكتفي به. والصحيح أن " من " في معنى الجزاء و " كان " بمعنى يكن، والتقدير:
من يكن في المهد صبيا فكيف نكلمه؟! كما تقول: كيف أعطي من كان لا يقبل عطية، أي من يكن لا يقبل. والماضي قد يذكر بمعنى المستقبل في الجزاء، كقوله تعالى " تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار " (5) أي إن يشأ يجعل.
وتقول: من كان إلى منه إحسان كان إليه مني مثله، أي من يكن منه إلى إحسان يكن إليه مني مثله. " والمهد " قيل: كان سريرا كالمهد. وقيل " المهد " هاهنا حجر الام.
وقيل: المعنى كيف نكلم من كان سبيله أن ينوم في المهد لصغره، فلما سمع عيسى عليه السلام كلامهم قال لهم من مرقده: (إني عبد الله) وهي:
الثانية - فقيل: كان عيسى عليه السلام يرضع فلما سمع كلامهم ترك الرضاعة وأقبل عليهم بوجهه، واتكأ على يساره، وأشار إليهم بسبابته اليمنى، و " قال إني عبد الله " فكان أول ما نطق به الاعتراف بعبوديته لله تعالى وبربوبيته، ردا على من غلا من بعده في شأنه.
والكتاب الإنجيل، قيل: آتاه في تلك الحالة الكتاب، وفهمه وعلمه، وآتاه النبوة كما علم آدم