أو إثما ثم يرم به بريئا) وكان البرئ الذي رموه بالسرقة لبيد بن سهل. وقيل: زيد بن السمين وقيل: رجل من الأنصار. فلما أنزل الله ما أنزل، هرب ابن أبيرق السارق إلى مكة، ونزل على سلافة بنت سعد بن شهيد، فقال [فيها (1)] حسان بن ثابت بيتا يعرض فيه بها، وهو:
وقد أنزلته بنت سعد وأصبحت * ينازعها جلد استها وتنازعه ظننتم بأن يخفى الذي قد صنعتمو * وفينا نبي عنده الوحي واضعه فلما بلغها قالت: إنما أهديت لي شعر حسان، وأخذت رحله فطرحته خارج المنزل، فهرب إلى خيبر وأرتد. ثم إنه نقب بيتا ذات ليلة ليسرق فسقط الحائط عليه فمات مرتدا.
ذكر هذا الحديث بكثير من ألفاظه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، لا نعلم أحدا أسنده غير محمد بن سلمة الحراني. وذكره الليث والطبري بألفاظ مختلفة. وذكر قصة موته يحيى بن سلام في تفسيره، والقشري كذلك وزاد ذكر الردة، ثم قيل: كان زيد بن السمين ولبيد بن سهل يهوديين. وقيل: كان لبيد مسلما. وذكره المهدوي، وأدخله أبو عمر في كتاب الصحابة له، فدل ذلك على إسلامه عنده. وكان بشير رجلا منافقا يهجو أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وينحل الشعر غيره، وكان المسلمون يقولون: والله ما هو إلا شعر الخبيث. فقال شعرا يتنصل فيه، فمنه قوله:
أو كلما قال الرجال قصيدة * نحلت وقالوا ابن الأبيرق قالها وقال الضحاك: أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع يده وكان مطاعا، فجاءت اليهود شاكين في السلاح فأخذوه وهربوا به، فنزل (ها أنتم هؤلاء) يعني اليهود. والله أعلم.
الثانية - قوله تعالى: (بما أراك الله) معناه على قوانين الشرع، إما بوحي ونص، أو بنظر جار على سنن الوحي. وهذا أصل في القياس، وهو يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى شيئا أصاب، لان الله تعالى أراه ذلك، وقد ضمن الله تعالى لأنبيائه العصمة، فأما أحدنا إذا رأى شيئا يظنه فلا قطع فيما رآه، ولم يرد رؤية العين هنا، لان الحكم لا يرى