فيه أربع وأربعون مسألة:
الأولى - قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) خص الله سبحانه وتعالى بهذا الخطاب المؤمنين، لأنهم كانوا يقيمون الصلاة وقد أخذوا من الخمر وأتلفت عليهم أذهانهم فخصوا بهذا الخطاب، إذ كان الكفار لا يفعلونها صحاة ولا سكارى.
روى أبو داود عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لما نزل تحريم الخمر قال عمر:
اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت الآية التي في البقرة (يسألونك عن الخمر والميسر (1)) قال: فدعي عمر فقرئت عليه فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت الآية التي في النساء (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة ينادي: ألا لا يقربن الصلاة سكران. فدعي عمر فقرئت عليه فقال: اللهم بين لنا [في الخمر (2)] بيانا شافيا، فنزلت هذه الآية: (فهل أنتم منتهون (3)) قال عمر:
انتهينا. وقال سعيد بن جبير: كان الناس على أمر جاهليتهم حتى يؤمروا أو ينهوا، فكانوا يشربونها أول الاسلام حتى نزلت: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس). قالوا: نشربها للمنفعة لا للإثم، فشربها رجل فتقدم يصلي بهم فقرأ: قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون، فنزلت: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى).
فقالوا: في غير عين الصلاة. فقال عمر: اللهم أنزل علينا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت:
(إنما يريد الشيطان) الآية. فقال عمر: انتهينا، انتهينا. ثم طاف منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إن (4) الخمر قد حرمت، على ما يأتي بيانه في (المائدة) إن شاء الله تعالى:
وروى الترمذي عن علي بن أبي طالب قال: صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعانا وسقانا من الخمر، فأخذت الخمر منا، وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت: (قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون) ونحن نعبد ما تعبدون. قال: فأنزل الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون). قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. ووجه الاتصال والنظم بما قبله أنه قال سبحانه وتعالى: (واعبدوا الله