إن قوما منهم عمير وأشباه * عمير ومنهم السفاح لجديرون باللقاء إذا قال * أخو النجدة السلاح السلاح وقد قيل: إن (والأرحام) بالنصب عطف على موضع به، لان موضعه نصب، ومنه قوله:
* فلسنا بالجبال ولا الحديدا (1) * وكانوا يقولون: أنشدك بالله والرحم. والأظهر أنه نصب بإضمار فعل كما ذكرنا.
الثالثة - اتفقت الملة على أن صلة الرحم واجبة وأن قطيعتها محرمة. وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأسماء وقد سألته [أأصل أمي (2)] (نعم (3) صلي أمك) فأمرها بصلتها وهي كافرة. فلتأكيدها دخل الفضل في صلة الكافر، حتى انتهى الحال بأبي حنيفة وأصحابه فقالوا بتوارث ذوي الأرحام إن لم يكن عصبة ولا فرض مسمى، ويعتقون على من اشتراهم من ذوي رحمهم لحرمة الرحم، وعضدوا ذلك بما رواه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(من ملك ذا رحم محرم فهو حر). وهو قول أكثر أهل العلم. روي ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعبد الله بن مسعود، ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة. وهو قول الحسن البصري وجابر بن زيد وعطاء والشعبي والزهري، وإليه ذهب الثوري وأحمد وإسحاق.
ولعلمائنا في ذلك ثلاثة أقوال: الأول - أنه مخصوص بالاباء والأجداد. الثاني - الجناحان يعني الاخوة. الثالث - كقول أبي حنيفة. وقال الشافعي: لا يعتق عليه إلا أولاده وآباؤه وأمهاته، ولا يعتق عليه إخوته ولا أحد من ذوي قرابته ولحمته. والصحيح الأول للحديث الذي ذكرناه وأخرجه الترمذي والنسائي. وأحسن طرقه رواية النسائي له، رواه من حديث ضمرة عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ملك ذا رحم محرم فقد عتق عليه). وهو حديث ثابت بنقل العدل عن العدل ولم يقدح فيه أحد من الأئمة بعلة توجب تركه، غير أن النسائي قال في آخره:
هذا حديث منكر. وقال غيره: تفرد به ضمرة. وهذا هو معنى المنكر والشاد في اصطلاح المحدثين. وضمرة عدل ثقة، وانفراد الثقة بالحديث لا يضره. والله أعلم.