وفي الآية تنبيه على الصانع. وقال (واحدة) على تأنيث لفظ النفس. ولفظ النفس يؤنث وإن عني به مذكر. ويجوز في الكلام (من نفس واحد) وهذا على مراعاة المعنى، إذ المراد بالنفس آدم عليه السلام، قاله مجاهد وقتادة. وهي قراءة ابن أبي عبلة (واحد) بغير هاء.
(وبث) [معناه] (1) فرق ونشر في الأرض، ومنه (وزرابي مبثوثة) (2) وقد تقدم في (البقرة).
و (منها) يعني آدم وحواء. قال مجاهد: خلقت حواء من قصيري (4) آدم. وفي الحديث:
(خلقت المرأة من ضلع عوجاء)، وقد مضى في البقرة. (رجالا كثيرا ونساء) حصر ذريتهما في نوعين، فاقتضى أن الخنثى ليس بنوع، لكن له حقيقة ترده إلى هذين النوعين وهي الآدمية فيلحق بأحدهما، على ما تقدم ذكره في (البقرة (5)) من اعتبار نقص الأعضاء وزيادتها.
الثانية - قوله تعالى: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) كرر الاتقاء تأكيدا وتنبيها لنفوس المأمورين. و (الذي) في موضع نصب على النعت. (والأرحام) معطوف. أي اتقوا الله أن تعصوه، واتقوا الأرحام أن تقطعوها. وقرأ أهل المدينة (تساءلون) بإدغام التاء في السين. وأهل الكوفة بحذف (6) التاء، لاجتماع تاءين، وتخفيف السين، لان المعنى يعرف، وهو كقوله: (ولا تعاونوا على الاثم (7)) و (تنزل) وشبهه.
وقرأ (8) إبراهيم النخعي وقتادة والأعمش وحمزة (الأرحام) بالخفض. وقد تكلم النحويون في ذلك. فأما البصريون فقال رؤساؤهم: هو لحن لا تحل القراءة به.
وأما الكوفيون فقالوا: هو قبيح، ولم يزيدوا على هذا ولم يذكروا علة قبحه، قال النحاس:
فيما علمت.
وقال سيبويه: لم يعطف على المضمر المخفوض، لأنه بمنزلة التنوين، والتنوين لا يعطف عليه. وقال جماعة: هو معطوف على المكني، فإنهم كانوا يتساءلون بها، يقول الرجل: