عليه وسلم فقال قدامة: يا رسول الله ابنة أخي وأنا وصي أبيها ولم أقصر بها، زوجتها من قد علمت فضله وقرابته. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنها يتيمة واليتيمة أولى بأمرها) فنزعت مني وزوجها المغيرة بن شعبة. قال الدارقطني: لم يسمعه محمد بن إسحاق من نافع، وإنما سمعه من عمر بن حسين عنه. ورواه ابن أبي ذئب عن عمر بن حسين عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنه تزوج بنت خاله عثمان بن مظعون قال: فذهبت أمها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن ابنتي تكره ذلك. فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يفارقها ففارقها. وقال: (ولا تنكحوا اليتامى حتى تستأمروهن فإذا سكتن فهو إذنها). فتزوجها بعد عبد الله المغيرة بن شعبة. فهذا يرد ما يقوله أبو حنيفة من أنها إذا بلغت لم تحتج إلى ولي، بناء على أصله في عدم اشتراط الولي في صحة النكاح. وقد مضى في (البقرة (1)) ذكره، فلا معنى لقولهم: إن هذا الحديث محمول على غير البالغة لقوله (إلا بإذنها) فإنه كان لا يكون لذكر اليتيم معنى والله أعلم.
الرابعة - وفي تفسير عائشة للآية من الفقه ما قال به مالك صداق المثل، والرد إليه فيما فسد من الصداق ووقع الغبن في مقداره، لقولها: بأدنى من سنة صداقها. فوجب أن يكون صداق المثل معروفا لكل صنف من الناس على قدر أحوالهم. وقد قال مالك:
للناس مناكح عرفت لهم وعرفوا لها. أي صدقات وأكفاء. وسئل مالك عن رجل زوج ابنته [غنية (2)] من ابن أخ له فقير فاعترضت أمها فقال: إني لأرى لها في ذلك متكلما.
فسوغ لها في ذلك الكلام حتى يظهر هو من نظره ما يسقط اعتراض الام عليه. وروى (لا أرى) بزيادة الألف والأول أصح. وجائز لغير اليتيمة أن تنكح بأدنى من صداق مثلها، لان الآية إنما خرجت في اليتامى. هذا مفهومها وغير اليتيمة بخلافها.
الخامسة - فإذا بلغت اليتيمة وأقسط الولي في صداقها جاز له أن يتزوجها، ويكون هو الناكح والمنكح على ما فسرته عائشة. وبه قال أبو حنيفة والأوزاعي والثوري وأبو ثور، وقاله من التابعين الحسن وربيعة، وهو قول الليث. وقال زفر والشافعي: