السلطان حينئذ، وقد مضى في (البقرة (1)) القول في هذا. وقال الضحاك والحسن وغير هما:
إن الآية ناسخة لما كان في الجاهلية وفي أول الاسلام، من أن للرجل أن يتزوج من الحرائر ما شاء، فقصرتهن الآية على أربع. وقال ابن عباس وابن جبير وغيرهما: المعنى وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فكذلك خافوا في النساء، لأنهم كانوا يتحرجون في اليتامى ولا يتحرجون في النساء و (خفتم) من الأضداد، فإنه يكون المخوف منه معلوم الوقوع، وقد يكون مظنونا، فلذلك اختلف العلماء في تفسير هذا الخوف. فقال أبو عبيدة: (خفتم) بمعنى أيقنتم.
وقال آخرون: (خفتم) ظننتم. قال ابن عطية: وهذا الذي اختاره الحذاق، وأنه على بابه من الظن لا من اليقين. التقدير من غلب على ظنه التقصير في القسط لليتيمة فليعدل عنها. و (تقسطوا) معناه تعدلوا. يقال: أقسط الرجل إذا عدل. وقسط إذا جار وظلم صاحبه. قال الله تعالى: (وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا (2)) يعني الجائرون. وقال عليه السلام: (المقسطون في الدين على منابر من نور يوم القيامة) يعني العادلين. وقرأ ابن وثاب والنخعي (تقسطوا) بفتح التاء من قسط على تقدير زيادة (لا) كأنه قال:
وإن خفتم أن تجوروا.
الثانية - قوله تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) إن قيل: كيف جاءت (ما) للادميين وإنما أصلها لما لا يعقل، فعنه أجوبة خمسة: الأول - أن (من) و (ما) قد يتعاقبان، قال الله تعالى: (والسماء وما بناها (3)) أي ومن بناها. وقال (فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع (4)). فما ههنا لمن يعقل وهن النساء، لقوله بعد ذلك (من النساء) مبينا لمبهم. وقرأ ابن أبي عبلة (من طاب) على ذكر من يعقل. الثاني - قال البصريون: (ما) تقع للنعوت كما تقع لما لا يعقل يقال: ما عندك؟ فيقال: ظريف وكريم. فالمعنى فانكحوا الطيب من النساء، أي الحلال، وما حرمه الله فليس بطيب. وفي التنزيل (وما رب العالمين (5)) فأجابه موسى على وفق ما سأل، وسيأتي. الثالث - حكى بعض الناس أن (ما) في هذه الآية ظرفية، أي ما دمتم تستحسنون