ليس بمخير إلا في الضرورة لان الله تعالى قال: " فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه " فإذا حلق رأسه عامدا أو لبس عامدا لغير عذر فليس بمخير وعليه دم لا غير.
السابعة - واختلفوا فيمن فعل ذلك ناسيا، فقال مالك رحمه الله: العامد والناسي في ذلك سواء في وجوب الفدية، وهو قول أبي حنيفة والثوري والليث. وللشافعي في هذه المسألة قولان: أحدهما - لا فدية عليه، وهو قول داود وإسحاق. والثاني - عليه الفدية.
وأكثر العلماء يوجبون الفدية على المحرم بلبس المخيط وتغطية الرأس أو بعضه، ولبس الخفين وتقليم الأظافر ومس الطيب وإماطة الأذى، وكذلك إذا حلق شعر جسده أو اطلى، أو حلق مواضع المحاجم. والمرأة كالرجل في ذلك، وعليها الفدية في الكحل وإن لم يكن فيه طيب.
وللرجل أن يكتحل بما لا طيب فيه. وعلى المرأة الفدية إذا غطت وجهها أو لبست القفازين، والعمد والسهو والجهل في ذلك سواء، وبعضهم يجعل عليهما دما في كل شئ من ذلك.
وقال داود: لا شئ عليهما في حلق شعر الجسد.
الثامنة - واختلف العلماء في موضع الفدية المذكورة، فقال عطاء: ما كان من دم فبمكة، وما كان من طعام أو صيام فحيث شاء، وبنحو ذلك قال أصحاب الرأي. وعن الحسن أن الدم بمكة. وقال طاوس والشافعي: الاطعام والدم لا يكونان إلا بمكة، والصوم حيث شاء، لان الصيام لا منفعة فيه لأهل الحرم، وقد قال الله سبحانه " هديا بالغ الكعبة " (1) [المائدة: 95] رفقا لمساكين جيران بيته، فالاطعام فيه منفعة بخلاف الصيام، والله أعلم. وقال مالك:
يفعل ذلك أين شاء، وهو الصحيح من القول، وهو قول مجاهد. والذبح هنا عند مالك نسك وليس بهدى لنص القرآن والسنة، والنسك يكون حيث شاء، والهدى لا يكون إلا بمكة.
ومن حجته أيضا ما رواه عن يحيى بن سعيد في موطئه، وفيه: فأمر علي بن أبي طالب رضي الله عنه برأسه - يعني رأس حسين (2) - فحلق ثم نسك عنه بالسقيا (3) فنحر عنه بعيرا. قال مالك قال يحيى بن سعيد: وكان حسين خرج مع عثمان في سفره [ذلك (4)] إلى مكة. ففي هذا