أشهب: إن مات من قطع رجل أو جناح لم يؤكل، لأنها حالة قد يعيش بها وينسل. وسيأتي لحكم الجراد مزيد بيان في " الأعراف (1) " عند ذكره، إن شاء الله تعالى.
السادسة - واختلف العلماء هل يجوز أن ينتفع بالميتة أو بشئ من النجاسات، واختلف عن مالك في ذلك أيضا، فقال مرة: يجوز الانتفاع بها، لان النبي صلى الله عليه وسلم مر على شاة ميمونة فقال: (هلا أخذتم إهابها) الحديث. وقال مرة: جملتها محرم، فلا يجوز الانتفاع بشئ منها، ولا بشئ من النجاسات على وجه من وجوه الانتفاع، حتى لا يجوز أن يسقى الزرع ولا الحيوان الماء النجس، ولا تعلف البهائم النجاسات، ولا تطعم الميتة الكلاب والسباع، وإن أكلتها لم تمنع. ووجه هذا القول ظاهر قوله تعالى: " حرمت عليكم الميتة والدم " ولم يخص وجها من وجه، ولا يجوز أن يقال: هذا الخطاب مجمل، لان المجمل ما لا يفهم المراد من ظاهره، وقد فهمت العرب المراد من قوله تعالى: " حرمت عليكم الميتة "، وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تنتفعوا من الميتة بشئ).
وفي حديث عبد الله بن عكيم (لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب). وهذا آخر ما ورد به كتابه قبل موته بشهر، وسيأتي بيان هذه الأخبار والكلام عليها في " النحل (2) " إن شاء الله تعالى.
السابعة - فأما الناقة إذا نحرت، أو البقرة أو الشاة إذا ذبحت، وكان في بطنها جنين ميت فجائز أكله من غير تذكية له في نفسه، إلا أن يخرج حيا فيذكى، ويكون له حكم نفسه، وذلك أن الجنين إذا خرج منها بعد الذبح ميتا جرى مجرى العضو من أعضائها. ومما يبين ذلك أنه لو باع الشاة واستثنى ما في بطنها لم يجز، كما لو استثنى عضوا منها، وكان ما في بطنها تابعا لها كسائر أعضائها. وكذلك لو أعتقها من غير أن يوقع على ما في بطنها عتقا مبتدأ، ولو كان منفصلا عنها لم يتبعها في بيع ولا عتق. وقد روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن البقرة والشاة تذبح، والناقة تنحر فيكون في بطنها جنين ميت، فقال: (إن شئتم فكلوه لان ذكاته ذكاة أمه). خرجه أبو داود بمعناه من حديث