وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير.
وأي فوز أرقى وأسمى من الوصول إلى جوار الله، والتمتع في نعيمه الذي لا يوصف! نعم، فمفتاح ذلك الفوز العظيم هو (الإيمان والعمل الصالح)، وما عداه فروع لهذا الأصل.
عملوا الصالحات: إشارة إلى أن العمل الصالح لا يختص بشئ محدد، بل ينبغي أن يكون محور حياة الإنسان هو: " العمل الصالح ".
" ذلك ": إشارة للبعيد، واستعملت هنا لتبيان عظمة وأهمية المشار إليه، أي: إن فوزهم الكبير من عظمة الشأن، بقدر لا يخطر على بال أحد.
ويعود القرآن مرة أخرى لتهديد الكفار الذين يفتنون المؤمنين، فيقول: إن بطش ربك لشديد.
ولا تظنوا بأن القيامة أمر خيالي، أو إن المعاد من الأمور التي يشك في صحة تحققها، بل: إنه هو يبدئ ويعيد.
" البطش ": تناول الشئ بصولة وقهر، وباعتباره مقدمة للعقاب، فقد استعمل بمعنى العقاب والمجازاة.
" ربك ": تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتأكيد دعم الله اللامحدود له.
والجدير بالملاحظة، إن الآية تضمنت جملة تأكيدات، لتبيان صرامة التهديد الإلهي بجدية وقطع.
ف " البطش " يحمل معنى الشدة المؤكدة، والجملة الإسمية عادة ما تأتي للتأكيد، ووصف البطش بأنه " شديد "، وكذا وجود " إن "، ووجود لام التأكيد في " لشديد "، هذا بالإضافة إلى التأكيد المتضمن في قوله تعالى: إنه يبدئ ويعيد كدليل إجمالي على المعاد (1).