وما مجئ من ورائهم إلا للتعبير عن كونهم في قبضة القدرة الإلهية من جميع الجهات، وهو محيط بهم، وليس لهم من مخلص عن العذاب بحكم العدل الإلهي.
وثمة من يذهب بإرادة الإحاطة العلمية في الآية، أي.. إن الله تعالى محيط بأعمالهم من كل جهة، فلا يغيب عنه سبحانه أي قول أو عمل أو نية.
وتقول الآية التالية: بل هو قرآن مجيد ذو مكانة سامية ومقام عظيم.
في لوح محفوظ، لا تصل إليه يد العبث، والشيطنة، ولا يصيبه أي تغيير أو تبديل، أو زيادة أو نقصان.
فلا تبتأس يا محمد بما ينسبونه إليك افتراء، كأن يتهموك بالشعر، السحر، الكهانة والجنون.. فأصولك ثابتة، وطريقك نير، والقادر المتعال معك.
" مجيد ": - كما قلنا - من (المجد)، وهو السعة في الكرم والجلال، وهو ما يصدق على القرآن تماما، فمحتواه واسع العظمة، ومعانيه سامية على كافة الأصعدة العلمية، العقائدية، الأخلاقية الوعظ والإرشاد، وكذا في الأحكام والسنن.
" لوح " - بفتح اللام -: هو الصفحة العريضة التي يكتب عليها، و (اللوح) - بضم اللام -: العطش، والهواء بين السماء والأرض.
الفعل الذي يشتق من الأول يأتي بمعنى الظهور والانكشاف.
ويراد باللوح هنا: الصفحة التي كتب فيها القرآن، لكنها ليست كالألواح المتعارفة عندنا، بل (وعلى قول ابن عباس): إن اللوح المحفوظ طوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق والمغرب!
ويبدو أن اللوح المحفوظ، هو " علم الله " الذي يملأ الشرق والغرب، ومصان من أي اختلاق أو تحريف.
نعم، فالقرآن من علم المطلق، وما فيه يشهد على أنه ليس نتيجة إشراقة عقلية