2 التفسير 3 بلاء التكاثر والتفاخر:
الآيات الأولى توجه اللوم إلى المتكاثرين المتفاخرين وتقول:
ألهاكم التكاثر في الأنفس والأموال.
حتى إنكم ذهبتم إلى المقابر لتستكثروا أفراد قبيلتكم: حتى زرتم المقابر.
واحتمل بعض المفسرين في تفسير الآية أن المعنى هو: إنكم انشغلتم بالتكاثر والتفاخر حتى لحظة موتكم وورودكم إلى المقابر.
لكن المعنى الأول أكثر انسجاما مع عبارة حتى زرتم المقابر ومع سبب النزول، وخطبة نهج البلاغة كما سنشير إلى ذلك.
" ألهاكم " من " اللهو " وهو الانشغال بالأعمال الصغيرة والانصراف عن المهام الكبيرة. والراغب يفسر اللهو بالعمل الذي يشغل الإنسان ويصرفه عن مقاصده وأهدافه.
" التكاثر " يعني التفاخر والمباهاة " زرتم " من الزيارة و " زور " (على وزن قول) في الأصل بمعنى أعلى الصدر، ثم استعمل للقاء والمواجهة. و " زور " (على وزن قمر) بمعنى انحراف أعلى الصدر، والكذب لانحرافه عن الحق سمي (زورا) - على وزن نور -.
" المقابر " جمع مقبرة، وهي مكان دفن الميت. وزيارة المقابر إما أن تكون كناية عن الموت. أو بمعنى الذهاب إلى المقابر وإحصاء الموتى بهدف التكاثر في الأنفس والتفاخر بالعدد (حسب التفسير المشهور).
وذكرنا أن المعنى الثاني أصح. وأحد شواهده كلام لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، بعد أن تلا: ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر قال:
" يا له أمر ما أبعده! وزورا ما أغفله! وخطرا ما أفظعه! لقد استخلوا منهم أي مدكر وتناوشوهم من مكان بعيد. أفبمصارع آبائهم يفخرون؟! أو بعديد الهلكى