وهذا يعني أن النصر في أي حال لا يكون إلا بإرادة الله، نعم، لابد من إعداد القوة للغلبة على العدو، لكن الإنسان الموحد يؤمن أن النصر من عند الله وحده، ولذلك لا يغتر بالنصر، بل يتجه إلى شكر الله وحمده.
2 - في هذه السورة دار الحديث عن نصرة الله، ثم عن " الفتح " والانتصار، وبعدها عن اتساع رقعة الإسلام ودخول الناس في دين الله زرافات ووحدانا.
وبين هذه الثلاثة ارتباط علة ومعلول. فبنصر الله زرافات يتحقق الفتح، وبالفتح تزال الموانع من الطريق ويدخل الناس في دين الله أفواجا.
بعد هذه المراحل الثلاث - التي يشكل كل منها نعمة كبرى - تحل المرحلة الرابعة وهي مرحلة الشكر والحمد.
من جهة أخرى نصر الله، والفتح هدفهما النهائي دخول الناس في دين الله وهداية البشرية.
3 - " الفتح " هنا مذكور بشكل مطلق، والقرائن تشير - كما ذكرنا - أنه فتح مكة الذي كان له ذلك الصدى الواسع المذكور في الآية.
" فتح مكة " فتح في الواقع صفحة جديدة في تاريخ الإسلام، لأن مركز الشرك قد تلاشى بهذا الفتح، انهدمت الأصنام، وتبددت آمال المشركين وأزيلت السدود والموانع من طريق إيمان الناس بالإسلام.
من هنا، يجب أن نعتبر فتح مكة بداية مرحلة تثبيت أسس الإسلام واستقراره في الجزيرة العربية ثم في العالم أجمع. لذلك لا نرى بعد فتح مكة مقاومة من المشركين (سوى مرة واحدة قمعت بسرعة) وكان الناس بعده يفدون على النبي من كل أنحاء الجزيرة ليعلنوا إسلامهم.
4 - في نهاية السورة يأمر الله سبحانه نبيه (بل كل المؤمنين) بثلاثة أمور ليجسد آلاء الشكر وليتخذ الموقف الإيماني المناسب من النصر الإلهي وهي : " التسبيح " و " الحمد " و " الاستغفار ".