وكان الرسول منعما عليه نعمة يجب جزاؤها، أما أبو بكر فلم يكن للنبي عليه الصلاة والسلام عليه نعمة دنيوية، بل أبو بكر كان ينفق على الرسول عليه السلام (1).
نحن لا نتطرق عادة في هذا التفسير لمثل هذه المسائل. لكن مثل هذه المحاولات الرامية إلى إثبات الأحكام الذهنية المسبقة بالاستناد إلى آيات قرآنية يبلغ بها الأمر أن تنسب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما لا يليق بمقامه الشامخ (2)، مما يستدعينا أن نتوقف عندها قليلا.
أولا: ما يقوله الفخر الرازي بشأن إجماع أهل السنة على نزول السورة في أبي بكر منقوض بما أورده كثير من مفسري أهل السنة منهم القرطبي في تفسيره عن ابن عباس بشأن نزول كل سورة " الليل " في " أبي الدحداح " (3).
والقرطبي حين يصل إلى تفسير الآية: وسيجنبها الأتقى يعيد القول أن المقصود به أبو الدحداح، وهذا المفسر يورد ما ذكره أكثر المفسرين بشأن نزول السورة في أبي بكر، غير أنه لا يقبل هذا الرأي.
ثانيا: ما قيل بشأن اتفاق الشيعة على نزول الآية في علي (عليه السلام) غير صحيح أيضا، إذ أورد كثير من مفسري الشيعة قصة أبي الدحداح على أنها سبب نزول السورة.
نعم، لقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) بأن " الأتقى " شيعة علي وأتباعه، و (الذي يوتى ماله يتزكى هو أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، لكن الظاهر أن هذه الروايات لا تتحدث عن سبب النزول، بل هي من قبيل ذكر المصاديق الواضحة