عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق.
" فتنوا ": من مادة (فتن)، - على زنة متن - وهو إدخال الذهب النار لتظهر جودته من رداءته، وقد استعملت (الفتنة) بمعنى (الاختبار)، وبمعنى (العذاب والبلاء)، وبمعنى (الضلال والشرك) أيضا.
وهي في الآية بمعنى (العذاب)، على غرار ما جاء في الآيتين (13 و 14) من سورة الذاريات: يوم هم على النار يفتنون ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون.
ثم لم يتوبوا: تدل على أن باب التوبة مفتوح حتى لأولئك الجناة المجرمين، وتدل أيضا على مدى لطف الباري جل وعلا على الإنسان حتى وإن كان مذنبا، وفي الجملة تنبيه لأهل مكة ليسارعوا في ترك تعذيب المؤمنين ويتوبوا إلى الله توبة نصوح.
فباب التوبة لا يغلق بوجه أحد، وذكر العقاب الإلهي الشديد الأليم إنما جاء لتخويف الفاسدين والمنحرفين عسى أن يرعووا ويعودوا إلى الحق مولاهم.
وقد ورد في الآية لونين من العذاب الإلهي، عذاب جهنم وعذاب الحريق، للإشارة إلى أن لعذاب جهنم ألوان عديدة، منها (عذاب النار)، وتعيين " عذاب الحريق "، للإشارة أيضا إلى أن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات وأحرقوهم بالنار، سوف يجازون بذات أساليبهم، ولكن، أين هذه النار من تلك؟!
فنار جهنم قد سجرت بغضب الله، وهي نار خالدة ويصاحب داخليها الذل والهوان، أما نار الدنيا، فقد أوقدها الإنسان الضعيف، ودخلها المؤمنون بعزة وإباء وشرف ملتحقين بصفوف شهداء رسالة السماء الحقة.
وقيل: إن عذاب جهنم جزاء كفرهم، وعذاب الحريق جزاء ما اقترفوا بحق المؤمنين الأخيار من جريمة بشعة.
وتعرض لنا الآية التالية ما سيناله المؤمنون من ثواب: إن الذين آمنوا