تعلم معنى هذه الآية الكريمة من بائع ثلج كان يصيح ويقول: ارحموا من يذوب رأس ماله، ارحموا من يذوب رأس ماله (1) على أي حال، الدنيا في المنظور الإسلامي سوق تجارة. كما يقول الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام): " الدنيا سوق ربح فيها قوم وخسر آخرون " (2) الآية الكريمة التي نحن بصددها تقول: كل الناس في هذه السوق الكبرى خاسرون إلا مجموعة تسير على المنهج الذي تبينه الآية التالية.
نعم، هناك طريق واحد لا غير لتفادي هذا الخسران العظيم القهري الإجباري، وهو الذي تبينه آخر آيات هذه السورة.
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر بعبارة أخرى: ما يستطيع أن يحول دون هذا الخسران الكبير، وأن يبدله إلى منفعة كبيرة وربح عظيم هو أنه مقابل فقدان رأس المال، يحصل على رأس مال أغلى وأثمن، يستطيع أن يسد مسد رأس المال المفقود، بل أن يكون أفضل وأكثر منه عشرات، بل مئات، بل آلاف المرات.
كل نفس من أنفاس الإنسان يقربه خطوة نحو الموت، أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يقول: " نفس المرء خطاه إلى أجله " (3).
وهكذا كل ضربة من ضربات القلب تقرب الإنسان من الموت من هنا لابد من المبادرة إلى ملء الفراغ الذي يولده هذا الخسران الحتمي.
هناك من ينفق رأس مال عمره وحياته مقابل الحصول على مال قليل أو كثير، على بيت صغير أو فخم.
هناك من ينفق كل رأس المال هذا من أجل الوصول إلى منصب أو مقام.