ثم تضيف الآية القول:
وذلك دين القيمة.
قيل في معنى " وما امروا... " أن المقصود هو: إن التوحيد والصلاة والزكاة من المسائل الثابتة في دين أهل الكتاب، لكنهم لم يبقوا أوفياء لهذه التعاليم.
وقيل: المقصود هو إن دين الإسلام ليس فيه سوى التوحيد الخالص والصلاة والزكاة وأمثالها من التعاليم. وهذه أمور معروفة فلماذا يعرضون عنها؟.
يبدو أن المعنى الثاني أقرب. لأن الآية السابقة تتحدث عن الاختلاف في قبول الدين الجديد، والمناسب هنا أن يكون المراد في " امروا... " هو الدين الجديد أيضا.
أضف إلى ذلك أن المعنى الأول يصدق على أهل الكتاب وحدهم، بينما المعنى الثاني يشمل المشركين أيضا.
المقصود ب " الدين " في عبارة مخلصين له الدين حنفاء قد يكون " العبادة "، وعبارة " إلا ليعبدوا الله " في الآية تؤكد هذا المعنى.
ويحتمل أيضا أن يكون المقصود مجموع الدين والشريعة، أي أنهم امروا أن يعبدوا الله وأن يخلصوا له الدين والتشريع في جميع المجالات. وهذا المعنى يتناسب أكثر مع المفهوم الواسع للدين. وجملة وذلك دين القيمة تؤيد هذا المعنى لأنها طرحت الدين بمفهومه الواسع.
" حنفاء " جمع " حنيف "، من الفعل الثلاثي حنف، أي عدل عن الضلال إلى الطريق المستقيم، كما يقول الراغب في المفردات. والعرب تسمي كل من حج أو ختن " خنيفا " إشارة إلى أنه على دين إبراهيم.
و " الأحنف " من كانت رجله عوجاء. ويبدو أن الكلمة كانت في الأصل تستعمل للانحراف والإعوجاج، والنصوص الإسلامية استعملتها بمعنى الانحراف عن الشرك إلى التوحيد والهداية.