وعبارة أولئك هم شر البرية عبارة قارعة مثيرة، تعني أنه لا يوجد بين الأحياء وغير الأحياء موجود أضل وأسوأ من الذين تركوا الطريق المستقيم بعد وضوح الحق وإتمام الحجة، وساروا في طريق الضلال، مثل هذا المعنى ورد أيضا في قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون (1).
وفي قوله سبحانه يصف أهل النار: أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون (2).
وهذه الآية التي نحن بصددها تذهب في وصف هؤلاء المعاندين إلى أبعد مما تذهب إليه غيرها، لأنها تصفهم بأنهم شر المخلوقات، وهذا بمثابة بيان الدليل على خلودهم في نار جهنم.
ولم لا يكونون شر المخلوقات وقد فتحت أمامهم جميع أبواب السعادة فاعرضوا عنها كبرا وغرورا وعنادا.
تقديم ذكر " أهل الكتاب " على " المشركين " في هذه الآية أيضا، قد يعود إلى ما عندهم من كتاب سماوي وعلماء ومن صفات صريحة لنبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) في كتبهم، لذلك كانت معارضتهم أفظع وأسوأ.
الآية التالية تذكر المجموعة الثانية، وهم المؤمنون وتقول: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية.
والآية التالية تذكر جزاء هؤلاء المؤمنين، وما لهم عند الله من مثوبة:
جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا، رضي الله عنهم ورضوا عنه، ذلك لمن خشي ربه.
يلاحظ أن الحديث عن المؤمنين مقرون بذكر الأعمال الصالحة، باعتبارها