تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣٦١
الذين آمنوا والذين كفروا لكنه لم يهد الذين كفروا فلم يهتدوا ولن يهتدوا.
وذكر بعضهم ان اليأس بمعناه المعروف وهو القنوط غير أن قوله أفلم ييأس مضمن معنى العلم والمراد بيان لزوم علمهم بأن الله لم يشأ هدايتهم ولو شاء ذلك لهدى الناس جميعا ولزوم قنوطهم عن اهتدائهم وايمانهم.
فتقدير الكلام بحسب الحقيقة أفلم يعلم الذين آمنوا ان الله لم يشأ هدايتهم ولو يشاء لهدى الناس جميعا أو لم ييأسوا من اهتدائهم وايمانهم؟ ثم ضمن الياس معنى العلم ونسب إليه من متعلق العلم الجملة الشرطية فقط أعني قوله " لو يشاء الله لهدى الناس جميعا " ايجازا وايثارا للاختصار.
وذكر بعضهم ان قوله أفلم ييأس على ظاهر معناه من غير تضمين وقوله ان لو يشاء الله الخ متعلق بقوله آمنوا بتقدير الباء ومتعلق ييأس محذوف وتقدير الكلام أفلم ييأس الذين آمنوا بان لو يشاء الله لهدى الناس جميعا من ايمانهم وذلك أن الذين آمنوا يرون ان الامر لله جميعا ويؤمنون بأنه تعالى لو يشاء لهدى الناس جميعا ولو لم يشأ لم يهد فإذ لم يهد ولم يؤمنوا فليعلموا انه لم يشأ وليس في مقدرة سبب من الأسباب ان يهديهم ويوفقهم للايمان فلييأسوا من ايمانهم.
وهذه وجوه ثلاثة لعل اعدلها أوسطها والآية على أي حال لا تخلو من إشارة إلى أن المؤمنين كانوا يودون ان يؤمن الكفار ولعلهم لمودتهم ذلك لما سمعوا قول الكفار " لولا انزل عليه آية من ربه " طمعوا في ايمانهم ورجوا منهم الاهتداء ان انزل الله عليهم آية أخرى غير القرآن فسألوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان يجيبهم على ذلك فأيأسهم الله من ايمانهم في هذه الآيات وفى آيات أخرى من كلامه مكية ومدنية كقوله في سورة يس وهى مكية:
" وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون " آية: 10 وقوله في سورة البقرة وهى مدنية: " ان الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون " آية: 6 قوله تعالى: " ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله ان الله لا يخلف الميعاد " سياق الآيات يشهد ان المراد بقوله بما صنعوا كفرهم بالرحمان قبال الدعوة الحقة والقارعة هي المصيبة تقرع الانسان قرعا كأنها تؤذنه بأشد من نفسها وفى الآية تهديد ووعيد قطعي للذين كفروا بعذاب غير
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»
الفهرست