تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣٦٢
مردود وذكر علائم واشراط له تقرعهم مرة بعد مرة حتى يأتيهم العذاب الموعود.
والمعنى ولا يزال هؤلاء الذين كفروا بدعوتك الحقة تصيبهم بما صنعوا من الكفر بالرحمان مصيبة قارعة أو تحل تلك المصيبة القارعة قريبا من دارهم فلا يزالون كذلك حتى يأتي ما وعدهم الله من العذاب لان الله لا يخلف ميعاده ولا يبدل قوله.
والتأمل في كون السورة مكية على ما يشهد به مضامين آياتها ثم في الحوادث الواقعة بعد البعثة وقبل الهجرة وبعدها إلى فتح مكة يعطى ان المراد بالذين كفروا هم كفار العرب من أهل مكة وغيرهم الذين ردوا أول الدعوة وبالغوا في الجحود والعناد والحوا على الفتنة والفساد.
والمراد بالذين تصيبهم القارعة من كان في خارج الحرم منهم تصيبهم قوارع الحروب وشن الغارات وبالذين تحل القارعة قريبا من دارهم أهل الحرم من قريش تقع حوادث السوء قريبا من دارهم فتصيبهم معرتها وتنالهم وحشتها وهمها وسائر آثارها السيئة والمراد بما وعدهم عذاب السيف الذي اخذهم في غزوة بدر وغيرها.
واعلم أن هذا العذاب الموعود للذين كفروا في هذه الآيات غير العذاب الموعود المتقدم في سورة يونس في قوله تعالى: " ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون " إلى قوله ثانيا: " وقضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون " يونس: 47 - 54 فان الذي في سورة يونس وعيد عام للأمة والذي في هذه الآيات وعيد خاص بالذين كفروا في أول الدعوة النبوية من قريش وغيرهم وقد تقدم في قوله:
" ان الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون " البقرة: 6 في الجزء الأول من الكتاب ان المراد بقوله الذين كفروا في القرآن إذا اطلق اطلاقا المعاندون من مشركي العرب في أول الدعوة كما أن المراد بالذين آمنوا إذا اطلق كذلك السابقون إلى الايمان في أول الدعوة.
واعلم أيضا ان للمفسرين في الآية أقوالا شتى تركنا ايرادها إذ لا طائل تحت أكثرها وفيما ذكرناه من الوجه كفاية للباحث المتدبر وسيوافيك بعضها في البحث الروائي التالي إن شاء الله.
(٣٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 ... » »»
الفهرست